بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
ما إن تطرق أحد المشاركين فى نقاش بين أصدقاء إلى الراحل الكبير د. محمد مندور حتى صار هو محور هذا النقاش حتى نهايته. لم يقتصر إسهام مندور على النقد الأدبى الذى برع فيه وأدى دورًا كبيرًا فى تطويره. كان أستاذًا جامعيًا من طراز فريد.
ولكنه لم يحصر نشاطه داخل الجامعة أو يقصره على العمل الأكاديمي. فقد دفعه الاهتمام بالشأن العام إلى الصحافة والمحاماة، ومن خلالهما إلى السياسة حين رأس تحرير صحيفة «المصري» عام 1944 ثم صحيفة «الوفد المصري» بعد ذلك.
ولكنه أراد أن يتحرر من القيود الحزبية فأصدر مجلة «البعث» التى خاض على صفحاتها معارك سياسية واجتماعية كبرى أهَّلته لقيادة تيار مستقل داخل حزب الوفد، وهو التيار الذى عُرف بالطليعة الوفدية.
وكان فى ذلك رائدًا لتيار اليسار الليبرالى الذى لم تُتح له فرصة للتطور والانتشار فى العقود التالية. لم يعرف تاريخ الصحافة إلا القليل من الصحفيين والكُتاب الذين تقدمت أسماؤهم على صحفهم مثله. كان باعة الصحف ينادون باسمه قبل اسم الصحف التى رأس تحريرها. وجلب له قلمه الحر متاعب كثيرة منها مثلاً التحقيق معه أكثر من عشر مرات خلال العامين 1945 و1946 فقط، فضلاً عن اعتقاله مع عدد آخر من الكُتاب والصحفيين فى حملة واسعة شنها رئيس الوزراء إسماعيل صدقى وأغلق خلالها 12 صحيفة ومجلة فى يوليو 1946. ولم يكن دوره كمحام أقل أهمية، وخاصةً فى الدفاع عن الصحفيين وحرية الصحافة.
ورغم صولاته وجولاته فى عالم السياسة والصحافة لم تصرفه هذه أو تلك عن تخصصه فى مجال النقد الأدبى الذى لا تزال قامته فيه عالية حتى اليوم بما تركه من كتابات صار بعضها مراجع ينهل منها بعض دارسى ومعلمى هذا النقد.
ومن كتاباته هذه «النقد المنهجى عند العرب» و«الأدب وفنونه» و«الأدب ومذاهبه» و«مسرح شوقي» و«مسرح توفيق الحكيم» و«المسرح النثري» وغيرها.