بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
تحظى عملية التنشئة الاجتماعية بأهمية خاصة فى تكوين وعى الإنسان وكيفية تعامله مع الآخرين ودوره فى المجتمع. فهى تزوده بما يُطلق عليها خريطة إدراكية يستقبل من خلالها المؤثرات الاجتماعية المختلفة ويتعامل معها. ويحدث الجزء الأكبر فى عملية التنشئة فى مرحلة الطفولة. وتقوم الأسرة بالخطوة الأولى فى هذه العملية. فوعى الإنسان يتأثر تأثرًا كبيرًا بما يتلقاه فى مرحلة تنشئته الأولى من مؤثرات تحدد اتجاهاته وإدراكه لما حوله وكيفية تعامله مع المعطيات والمتغيرات التى تحدث بها. وعلى سبيل المثال تختلف المؤثرات التى يتلقاها الفرد فى مرحلة التنشئة المبكرة على مدى التسامح أو التعصب فى أسرته, وكذلك فى أوساط أصدقائه الذين يحتك بهم فى مرحلتى الطفولة والمراهقة. وربما نجتهد، هنا، فننحو إلى افتراض أن أساس التسامح أو التعصب يوضع فى مرحلة مبكرة من خلال التفاعل فى الأسرة ومع الأصدقاء وقبل أن يبدأ دور المؤسسة التعليمية مع التحاق الفرد بها, ثم يتعرض لتأثير أوسع من المجتمع العام الذى يبدأ فى التفاعل معه خلال مراحل دراسته. ومع ذلك ربما تكون المؤسسة التعليمية، التى تؤدى دورها بشكل صحيح وصحى، هى أداة التنشئة التى يمكن أن تساعد فى تغليب القيم والمعتقدات المعززة للتفاعل الإيجابى والمحققة بالتالى للتكامل فى المجتمع.
ولذا تحتاج المؤسسة التعليمية إلى تطوير مستمر لضمان أداء هذا الدور بالكيفية التى تمكنها من التغلب على مؤثرات سلبية تلقاها الطالب فى الفترة التى تسبق التحاقه لها. وهذا التطوير ضرورى فى المناهج الدراسية بطبيعة الحال. ولكن ضرورته قد تكون أكبر فى وسائل التدريس وأدواته. فالمسألة ليست تلقين الطلاب ما يدعم القيم والمعتقدات الإيجابية مثل التسامح والتعايش وقبول الاختلاف، بل تعويدهم على ذلك من خلال الممارسة. ويمكن أن يتحقق ذلك باعتماد طريقة للتدريس يلعب الحوار دورًا أساسيَا فيها. فالحوار الحر هو الذى يفتح العقل على حقيقة أن هناك اختلافًا بين الناس، وأن هذا الاختلاف أمر طبيعى وسُنة من سُنن الله فى خلقه.