بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
لم يكف الفن المصرى عن أداء دوره فى مواجهة الاستعمار والصهيونية منذ مطلع القرن التاسع عشر عندما افتتح الراحل الكبير سيد درويش هذا المسار الوطنى . وازداد دور الفن فى مواجهة الاستعمار والصهيونية بعد ذلك، خاصةً منذ خمسينات القرن الماضى عندما ألهمت المقاومة الباسلة ضد العدوان الثلاثى على مصر فنانين عبروا عنها وحضوا عليها.
ويذكر بعضنا أغانى مثل الأغنية الرائعة التى كتبها الراحل الكبير كمال عبد الحليم ولحنها الفنان على إسماعيل وغنتها الفنانة فايدة كامل «دع سمائى فسمائى مُحرقة – دع قناتى فمياهى مُغرقة – واحذر الأرض فأرضى صاعقة – هذه أرضى أنا وأبى ضحى هنا – وأبى قال لنا مزقوا أعداءنا – أنا شعب وفدائى وثورة – ودم يصنع للإنسان فجره – ترتوى أرضى به من كل قطرة – وستبقى مصر حرة – مصر حرة – أنا عملاق قواه كل ثائر – فى فلسطين وفى أرض الجزائر..».
وما مواكبة الفن لنصر أكتوبر 1973 إلا حلقة فى سلسلة التفاعل بين الأعمال الإبداعية والمواجهة ضد الاستعمار والصهيونية. هذا بعض ما تفضل به الصديق عزيز البشارى فى تعليقه على اجتهاد 6 أكتوبر الجارى «أغانى أكتوبر». وهو محق فى رؤيته الثاقبة هذه. فقد كان الفن، ومازال، حصنًا لمقاومة الاستعمار والصهيونية فى مصر، كما فى دول أخرى فى المنطقة وغيرها.
لا يمكن أن يقف الفنانون الوطنيون متفرجين فى خضم صراعات تخوضها جيوش بلادهم وشعوبها من أجل التحرر الوطني. حدث هذا حتى فى دول كانت استعمارية ولكنها استُعمرت مثل فرنسا التى اجتاحتها قوات ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، واحتلت أجزاء واسعة فيها . هب فنانون وأدباء ومفكرون لمقاومة الاستعمار الذى استعمر دولة استعمارية.
نذكر على سبيل المثال فقط بعض أعمال جان بول سارتر فى تلك الفترة، خاصةً مسرحية «الذباب» التى عُرضت للمرة الأولى فى باريس عام 1943، بعد أن اجتازت الرقابة الألمانية، لأن سارتر لجأ فيها إلى الترميز عبر العودة إلى التاريخ اليونانى الأسطوري, ولكن رسالتها كانت مفهومة لعموم الفرنسيين.