بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
من مزايا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أنه يُفصح عن الأهداف الحقيقية لسياساته، كما هى، ولا يحاول إخفاءها أو تجميلها. وما حديثه عن ضرورة استعادة ما اعتبرها حقوقًا نفطية أمريكية تسرقها فنزويلا إلا أحد تصريحاته الصريحة الواضحة. ليس مفهومًا كيف تستطيع فنزويلا فعل ذلك. ولكن المفهوم أن للتصعيد الأمريكى ضد فنزويلا أهدافًا عدة من بينها السيطرة على حقوق نفط تابعة لها، إلى جانب تغيير نظام الحكم فيها بالقوة، ومنعها من إعطاء أى من أعداء واشنطن أو خصومها موطىء قدم فى أمريكا اللاتينية التى يضعها ترامب فى صدارة اهتمامات إدارته. وليست أطماع أمريكا ترامب فى نفط فنزويلا إلا أحد مظاهر سياسة إمبريالية تتبناها الإدارة الحالية وتهدف إلى السيطرة على موارد طبيعية فى بلدان عدة فى أنحاء العالم. ومن أهم هذه الموارد، المعادن النفيسة التى تبدو إدارة ترامب مستعدة لفعل أى شىء من أجل الحصول على أكبر قدر منها. وهذا واضح فى التسويات السلمية الهشة التى أبرمتها واشنطن لحل صراعات إقليمية فى بعض المناطق، كما هو الحال مثلاً فى تسوية الصراع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا. كما أن التسوية التى تقترحها إدارة ترامب لوقف الحرب الروسية-الأوكرانية تتضمن بندًا يسمح للولايات المتحدة بالمشاركة فى ثروات إقليم دونباس الذى يضم مقاطعتى دونيتسك ولوجانسك. فحسب هذا البند سيكون إقليم دونباس منطقة اقتصادية منزوعة السلاح تتشارك الولايات المتحدة مع روسيا وأوكرانيا فى استغلال ثرواتها وتنميتها.
إنها، إذن، إمبريالية جديدة, ولكنها امتداد فى الوقت نفسه للإمبريالية القديمة التى كان المفكر والزعيم السوفيتى فلاديمير لينين بلور معالمها فى كتابه «الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية». فقد استهدفت الإمبريالية القديمة، حسب ما شرحه لينين وثبتت صحته فى حينه، فتح أسواق إفريقيا وآسيا أمام صادرات الدول الاستعمارية، إلى جانب الحصول على المواد الأولية من خلال نهب ثروات الدول الخاضعة للاستعمار. يوجد قاسم مشترك، إذن, بين الإمبرياليتين الجديدة والقديمة. ولكن إمبريالية إدارة ترامب الجديدة تتميز بأنها لا تخفى أهدافها ولا تستتر وراء أهداف نبيلة مثل تمدين الدول الخاضعة للاستعمار فى إطار ما كان يُطلق عليه عبء الرجل الأبيض.