بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
إذا أردنا تحديد السمة الأبرز للعام الحالى فهى التسويات السلمية التى أُبرمت خلاله برعاية إدارة دونالد ترامب الذى قال فى خطاب تنصيبه فى 20 يناير الماضى إنه يريد أن تكون صناعة السلام هى الإرث الذى يعتز به أكثر من أى شىء آخر. شهد هذا العام عددًا غير مسبوق من التسويات السلمية فى عام واحد. تسويات سلمية متفاوتة فى أهميتها ودلالاتها، ولكنها متماثلة تقريبًا من حيث إنها كلها هشة لا يمكن لأى منها أن يصنع سلامًا، ويصعب البناء عليها لتحقيق سلام مستدام. فقد جرى الإعداد لتلك التسويات على عجل فكان الشكل فى معظمها أهم من المضمون، وكانت الصورة التى التُقطت عند توقيع بعضها أهم من النص المُوقع.
لم يعالج أى من هذه التسويات أصول الصراع وجذوره، الأمر الذى يجعلها مجرد هُدن مؤقتة كان بعضها موجودًا بالفعل على الأرض، ولكن الاتفاق الذى وُقع بشأنها قنَّنها وأعطاها طابعًا تعاقديًا.
كما أن وقف إطلاق النار الذى هو أقل وأبسط ما تؤدى إليه أي تسوية سلمية، لم يتحقق فى بعضها بشكل كامل إذ استمر القصف من جانب واحد فى اثنين منها، وتواصلت اشتباكات متقطعة فى بعضها.
المثالان الأكثر وضوحًا على ذلك ما حدث بعد توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية فى لبنان فى نوفمبر 2024، والاتفاق على خطة ترامب بشأن غزة فى أكتوبر 2025. فقد ظل التوتر مخيمًا فى الأجواء فى كل من الحالتين بسبب مواصلة جيش الاحتلال عمليات القصف والقتل التى راح ضحيتها بضع مئات فى قطاع غزة وأكثر منهم فى لبنان، فضلاً عن استمرار هدم منازل ومبان سكنية هنا وهناك.
لذا تبدو الهشاشة أكثر وضوحًا فى تسويتى لبنان وغزة من التسويات الأخرى التى أُبرمت خلال العام بين أذربيجان وأرمينيا، وبين الهند وباكستان، وبين الكونغو الديمقراطية ورواندا، وبين تايلاند وكمبوديا، وبين باكستان وأفغانستان.