توقيت القاهرة المحلي 12:14:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنظيمات المسلَّحة: هل من مخرج؟

  مصر اليوم -

التنظيمات المسلَّحة هل من مخرج

بقلم: رضوان السيد

أَبلغَ وزيرُ الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، المسؤولين اللبنانيين أنه قادمٌ إليهم في زيارةٍ، مجهولة المقاصد والأهداف. قابل عراقجي الرؤساءَ الثلاثة بالطبع، لكنّ الأهمّ في زيارات المسؤولين الإيرانيين للبنان منذ 30 عاماً وأكثر أنها تكون في الحقيقة إلى «حزب الله» ومسؤوليه، وليست للدولة اللبنانية. وإلى «الحزب»، وقبل المسؤولين اللبنانيين أيضاً، كانت تأتي الزيارة لسوريا الأسدية، كما كان المقصود في زيارة لبنان مقابلة حسن نصر الله فحسب.

حدثت متغيراتٌ كثيرةٌ إذن، ومع ذلك لا يزال «الحزب» المسلح موجوداً، وكذلك بقي ولاؤه لإيران. وهو يجادل المسؤولين اللبنانيين في الأسابيع الأخيرة بأنه لن ينزع سلاحه وفق القرار الدولي رقم «1701» إلا إذا وفّى الإسرائيليون من جانبهم بشروط القرار أيضاً، وهم لم يفعلوا حتى الآن. أما الإيرانيون في تصريحاتهم فإنهم غير مهتمين بالقرار الدولي، بل هم مهتمون ببقاء المقاومة لإسرائيل. ويجادلهم خصومُ «الحزبِ» ومقاومتِه بأنّ ذلك لم يَعدْ مفيداً، فقد انكسر «الحزب» كسرةً لا تنجبر. ثم إن إسرائيل وأميركا معاً تهددان لبنان بالحرب يومياً؛ ليس فقط إن تحرك «الحزب» ضدهم، بل وإن بقي سلاحه معه وهو في أقاصي الهرمل.

لماذا يأتي عراقجي؟ المحادثات النووية مع أميركا لا تجري جيداً، والتوتر يزداد، وإسرائيل وإيران تتبادلان التهديدات من دون انقطاع: فهل يحتاج الإيرانيون إلى سلاح «الحزب» من جديد إذا تبادلوا الضربات مع إسرائيل؟ وألا يخشى «العقل الشيعي الأعلى» حرباً مدمِّرةً على لبنان وإيران؟

«حزب الله» تنظيم مسلح كان يخدم منذ قيامه إيرانَ وسوريا. لكنه أيضاً صار يدّعي حفظ مصالح الشيعة ضمن النظام اللبناني. وقد حصلوا بالفعل على ميزات في سائر المؤسسات ومن خارج المؤسسات وفوقها. ولذلك؛ إلى جانب الارتباط بإيران، هناك الابتزازُ بالسلاح داخل الدولة. التنظيم المسلَّح داخل الدولة سوءٌ كلُّه، سواء في الحرب والسلم. ومنذ زمان يعرض النظام اللبناني على «الحزب» خطة يسميها: «الاستراتيجية الدفاعية لضم السلاح والعناصر الرئيسية إلى الجيش»، وكان «الحزب» يرفض أو يراوغ. والمسألة الآن ليست فقط ضغطَ النظام اللبناني على «الحزب»، بل وضغط أميركا وإسرائيل التي لا تزال تُغِير وتقتل كل يوم في جنوب لبنان وخارجه.

في سوريا مشكلةُ ميليشياتٍ كبرى أيضاً إلى جانب الجيوش الأجنبية. وكانت التنظيمات بالعشرات، لكنها انحصرت الآن في: مَن مع النظام الجديد، ومَن ضده، ومَن هو تابع للجيوش التي على الأرض. ولدى النظام خطة وافق عليها الأميركيون تقول بدمج الميليشيات الموالية في الجيش الوطني الجديد، حتى لو كانوا أجانب أو متطرفين. لكن يبقى مسلحو الأكراد، وهم سوريون أو قادمون من تركيا وعددهم كبير. ثم هناك المسلحون التابعون للجيش الأميركي، والآخرون التابعون للجيش التركي.

وقد لا يستطيع هؤلاء - بخلاف شراذم «داعش» - الصمود في وجه الضغوط، لكنّ الأمر يبقى صعباً، فقد تَعوّد هؤلاء على حمل السلاح وعلى التكسُّب به. لكن إذا أجمع العرب والأتراك والأميركيون على دعم النظام الجديد، فقد تنجح المحاولات لإنشاء جيش واحد، لكنّ ذلك يستغرق سنوات. فها هو العراق، الذي يحاول منذ أكثر من 5 سنوات استيعاب الميليشيات الشيعية الموالية لإيران ضمن الجيش، وقد أعطاهم مرتبات، وزعماؤهم منضوون في النظام، ما أمكَنَ له تحقيق الاندماج، وهؤلاء لا يتقاضون مرتبات فقط؛ بل ويسيطرون على نواحٍ ومرافق بالبلاد للكسب أيضاً. فكيف تريد الدولة العراقية الخلاص؟

ولنذهب إلى ليبيا التي تنتشر في غربها ووسطها عشرات الميليشيات التي زعمت أنها إنما قامت لتحقيق أهداف الثورة. ووَضْعُها مثل وضْعِ ميليشيات العراق، فهي تتقاضى رواتب، وإلى ذلك لها علاقات بجهات أجنبية أمنية وسياسية عدة. ولا يمضي شهر إلا وتتصارع بينها على الموارد والمساحات وأيها الأقرب إلى الآبار النفطية. من يجرد هذه الميليشيات من سلاحها؟ في غرب ليبيا لا يجرؤ أحدٌ على ذكر ذلك، وإنما يتحدث عن ذلك الدوليون وأعداؤهم في شرق ليبيا. هل إلى خروجٍ من سبيل؟ الحظوظ ليست كبيرة إلا بالتوافق، وهو لن يحدث بسبب صراع الغرب مع الشرق على السلطة والموارد.

وهناك رهانَا اليمن والسودان على حاضر العرب ومستقبلهم. في اليمن الدولة الشرعية، ودولة ميليشيا الحوثي المسيطرة على العاصمة والسواحل بالشمال. وفي السودان حرب طاحنة بين الجيش وميليشيا «الدعم السريع» المسيطرة على إقليم دارفور والجوار.

التنظيمات المسلحة التي لديها ادعاءاتٌ أو من دونها، تُظهرُ قدرةً على الاستمرار وعلى النزوع إلى القتال ضد السلطات؛ من أجل البقاء والاستيلاء، ولا دولة مع ميليشيا أياً تكن الأسباب.

ما أصعب المخارج، وما أصعب استعادة الدولة إذا اضطرب المجتمع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنظيمات المسلَّحة هل من مخرج التنظيمات المسلَّحة هل من مخرج



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt