بقلم:فاروق جويدة
هناك أشياء إذا غابت لا تنتظر عودتها، لا تنتظر عمرًا مضى، ولا حبيبًا هجر، ولا صديقًا تنكّر. نحن نعيش العمر مرة واحدة، فلا تتصور أنك تستطيع أن تعيش الأمس مرة ثانية، ولا تحلم أن تعيد الحياة لحب مات، أو تستعيد صديقًا اختفى فى ظروف غامضة.
كانت آخر المفاجآت أننى وجدت صديقى الذى لم يعد يسأل عنى، يتصل بى ويبدى الأسف على ما حدث بيننا، وأن ظروف العمل وأعباء المسئولية هى التى جعلت حالة من الفتور تتسلل بيننا.. ومن خلال الحديث عرفت أن صديقى ترك منصبه، وأن الجميع تنكر له، حتى زملاء العمل لم يسألوا عنه بعد أن خرج من الوظيفة، وبدأ يشكو من أحوال الناس وكيف فسدت أخلاقهم، حتى رؤساء العمل تنكروا وابتعدوا، ولم يعد أحد يسأل عنه.
قلت لصديقى: إن الزمن دوّار، فلا تراهن على أشياء كانت بيننا من المودة والأخلاق، لأن الناس تغيرت، واختفت الكلمات الجميلة من قاموس العلاقات الإنسانية، وعلينا أن نتقبل الواقع الجديد.
قال صديقى: متى نلتقى؟ عندى لك حكايات كثيرة عمّا لاقيت فى العمل من الأزمات، حتى تخلصوا منى، وجاء أحد المساعدين ليطيح بى.
قلت لصديقى الذى كان: لقد عشت أزمة صحية ما زلت أعانى منها، وأصبحت مثلك، لم يسأل عنى أحد، وأغلقت بابى، ولم تعد عندى رغبة فى أن أشاهد أحدًا..
لم أتحدث عن آخر المكالمات بيننا، وهو يعيش فى بريق المنصب.. أغلقت الهاتف وأنهيت المكالمة، وخاطر يراودنى: «وتلك الأيام نداولها بين الناس».