توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

منطق الدولة يتقدّم على الميليشيات

  مصر اليوم -

منطق الدولة يتقدّم على الميليشيات

بقلم : رضوان السيد

يراهن كلٌّ من إسرائيل و”حماس” و”الحزب” على مَن يتنازل أوّلاً. تقول إسرائيل إنّها لن تنسحب من غزّة وجنوب لبنان إلّا بعد تسليم “حماس” و”الحزب” سلاحهما. وهما يقولان: لن نسلّم السلاح إلّا بعد الانسحاب!

إنّ هذه المماحكة لن تعيد الحرب في غزّة لكثرة الجهات الحارسة لوقف النار. أمّا الحزب المسلّح في لبنان فلديه هو والدولة اللبنانية مهلة أشهر قليلة. لكنّ الضرر الكبير على لبنان واقعٌ منذ الآن!

بسرعةٍ شديدةٍ آلَ منطق “حماس” إلى التطابق مع منطق الحزب المسلَّح في لبنان! تقول “حماس” الآن: لن نقبل بسحب سلاحنا، ولن نسلّمه حتّى تنسحب إسرائيل من سائر القطاع! تماماً مثلما يقول الحزب المسلَّح: لن نسلّم السلاح حتّى يثبت وقف النار وتنسحب إسرائيل من لبنان ويُطلق سراح الأسرى، وربّما إذا حبكت النكتة يمكن لـ”الحزب” أن يقول: وأخيراً وليس آخِراً… حتّى يُعاد الإعمار!

بماذا يجيب الإسرائيليّون على كلام التنظيم والحزب الإلهيّ، والواقع أنّ التنظيمين إلهيّان، وإلّا فكيف يتحكّمان بالأرواح والمصائر؟! تجيب إسرائيل: لن ننسحب من غزّة نهائيّاً حتّى تذهب “حماس” وسلاحها، ولن ننسحب من لبنان ونوقف غاراتنا حتّى يُجرَّد “الحزب” من سلاحه، وإن لم تجرّده الحكومة اللبنانية فنحن كفيلون بذلك.

هل يحسب أحد أنّ “حماساً” و”الحزب” متواضعان إلى حدود رفض تسليم السلاح وحسْب؟ بالطبع لا. هما يقولان الآن إنّهما قادران على العودة لقتال العدوّ وهزيمته، والعياذ بالله!

في الظاهر يبدو وضع الحزب المسلَّح أفضل من وضع “حماس”. فهو أمام أحد خيارين:

1- تسليم سلاحه للدولة اللبنانية والجيش، وهو مشارك فيهما بقوّة، فلا خوف عليه من الغدر أو التجاوز.

2- رفض تسليم السلاح خارج جنوب الليطاني فتفتك به إسرائيل فتكاً ذريعاً، ويتضرّر كلّ اللبنانيّين وبخاصّةٍ الشيعة.
يراهن كلٌّ من إسرائيل و”حماس” و”الحزب” على مَن يتنازل أوّلاً

الهروب إلى سياسات الاحتيال

أمّا “الحزب” فيحاول الهروب من هذين الخيارين إلى سياسات واحتيالات، ولا نقول خياراً ثالثاً أو خيارات. هو في الواقع لا يستطيع تسليم سلاحه حتّى لو أراد لأنّ إيران ما تزال تعتبر هذه الذراع ضروريّةً لها في الصراع على النوويّ. ولا يستطيع التسليم بنزع سلاحه من أجل الرأي العامّ الشيعيّ الذي تسيطر على عوامّه نزعة انتحاريّة تربط مصير الطائفة والتشيّع بالسلاح!

لذلك يلجأ إلى البهورة على رئيس الحكومة (وحتّى الرئيس نبيه برّي!) وإلى الملاينة مع رئيس الجمهوريّة الذي يسير في ذلك بحجّة الحفاظ على السلم الأهليّ! قال الرئيس ذلك للجهات الدوليّة: لا نستطيع نزع السلاح بالقوّة لتجنّب النزاع الداخلي، ثمّ إنّ الجيش لا يمتلك القدرات ولا السلاح الضروريَّين لذلك. أغضب ذلك الأميركيّين والجهات الدوليّة، لكنّهم اختبروه بالموافقة على مئتَي مليون دولار للجيش وقوى الأمن. وتقدّم القطريّون للمساعدة أيضاً. كلّ هذا مؤقّت ورهن بشهورٍ قليلة. يبلغ من الاعتماد على الوهم اعتقاد بعض مسؤولي الحزب المسلَّح أنّ إدارة دونالد ترامب ربّما تحاول التواصل معه مباشرةً بعد أن أدركت ضعف الدولة اللبنانيّة!

الدولة

أمام “الحزب” والدولة اللبنانيّة مهلة بضعة أشهر قد لا تتجاوز الربيع، وإذا طالت جدّاً فلن تتجاوز الانتخابات.

أمّا “حماس” فلا تمتلك هذه الميزة ولو من بعيد. هي وإسرائيل تسيران من يومٍ إلى يوم. عندما ينتهي تبادل الأسرى يعود التماحُك: إسرائيل لن تنسحب من أكثر القطاع حتّى تتسلّم الإدارة الجديدة. وهذا يستغرق مدّة يُخشى أن تعود فيها الاشتباكات لأنّ “حماساً” ظهرت على الأرض من جديد، ولأنّ الفرق العسكريّة الأربع والطائرات والمسيّرات من جانب إسرائيل كلّها ما تزال حاضرة.
أمام “الحزب” والدولة اللبنانيّة مهلة بضعة أشهر قد لا تتجاوز الربيع، وإذا طالت جدّاً فلن تتجاوز الانتخابات

النّزاع بين “حماس” والإدارة الجديدة

المحنة الآن أنّ إسرائيل تأمل أن يكون النزاع بين “حماس” والإدارة الجديدة العربيّة والدوليّة، التي يريدها ترامب أن تكون مسؤولة عن أمن إسرائيل لجهة غزّة، لأنّه لا يريد أن يعود الاشتباك بين الطرفين، وهو الذي يعتقد أنّه خلّص غزّة والعالم منه!

لذلك سيقول الإسرائيليون لترامب وللإدارة الجديدة: لن ننسحب حتّى تخرج “حماس” من غزّة ويُنزع سلاحها. وبالطبع “حماس” مثل “الحزب” وقّعت على كلّ شيء من أجل وقف النار. ثمّ تريد الآن الاحتفاظ بعواطف الفلسطينيّين والشارع العربي والإسلامي من طريق رفض نزع السلاح والاستعداد للعودة للقتال تماماً وبوقاحة العيون المحملقة، التي تنظر بها إلينا سائر الميليشيات.

لدى “حماس” الآن تحدّيات إسرائيل وأميركا والإدارة الجديدة. وهذه الجهات كلّها مستعجلة على “حماس” بالذات، وإلّا فكيف تطمئنّ الجهات الإنسانية والإعمارية إلى ثبات وقف النار لتبدأ بأعمال الإصلاح والترميم وإعادة المرافق للعمل وإصلاح المستشفيات والمدارس والأسواق…

أخيراً هناك فريق، وإن لم يكن كبيراً، يحمل منطق التعويض. من ضمنه المحادثات بين “حماس” والسلطة الفلسطينية على الوحدة الوطنيّة الأسطوريّة. هل يبقى الحماسيّون في الإدارات المدنيّة في غزّة؟ كيف سيجري التعامل مع ضرورة اعتراف “حماس” بإسرائيل لكي تتاح لها المشاركة في الانتخابات؟

قبل الانصراف إلى نهاياتٍ أخرى: الحزب المسلّح و”حماس” كلاهما في السنوات الأخيرة على الأقلّ مرتبط بإيران. لكن في حين تظلّ عقائديّة “حماس” بمنزلة الحافظة لها، فإنّ عقائديّة “الحزب” أكثر هشاشةً وأكثر ارتباطاً بإيران وقدراتها المادّية. ليس لدى “الحزب” غير إيران.
تعهّد العرب جميعاً ومعهم جهات دوليّة باحتضان غزّة ومشروع الدولة. وهؤلاء لا يستطيعون التخلّي، وفي الوقت نفسِه لا يستطيعون الصبر

أمّا “حماس” فلديها الجمهور الفلسطينيّ ولديها تركيا… ولديها قطر. ولا شكّ أنّ الذين اجتمعوا بها في شرم الشيخ وبينهم الأميركيّون عرضوا عليها أشياء في مقابل الاستسلام.

احتضان مشروع غزّة

تعهّد العرب جميعاً ومعهم جهات دوليّة باحتضان غزّة ومشروع الدولة. وهؤلاء لا يستطيعون التخلّي، وفي الوقت نفسِه لا يستطيعون الصبر على “حماس”. أمّا “الحزب” فهو في دولة لكنّ ولاءه لدولة أُخرى. “حماس” ليس عندها أكثر من شهر، وأمّا “الحزب” فلديه عدّة أشهر، وإنّما لدى إسرائيل إمكانيّة لمهاجمته في حين يصعب الأمر في غزّة حيث يحضر العالم كلّه.

منطق الدولة الانفراد بالسلطة. أمّا منطق الميليشيا فمعاداة دولة الانفراد. يقتضي الحسم المغامرة فبدونه لا تبقى الدول، وهذا يعرفه أبو مازن ويعرفه الرئيس اللبنانيّ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منطق الدولة يتقدّم على الميليشيات منطق الدولة يتقدّم على الميليشيات



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt