توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب شرسة في محيط متصدّع

  مصر اليوم -

حرب شرسة في محيط متصدّع

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تشرح الحرب الحاليّة بين إيران وإسرائيل مستوى التمايز في رؤى الإقليم. إسرائيل شهيّتها مفتوحة للحروب منذ الفرصة التي أعطيت لها من الحركات والأحزاب الآيديولوجية. تبيّن أن إسرائيل مستعدة، ولديها خطط حرب كاملة، وقامت باختراقات كبرى على مدى سنوات للقيادات الفلسطينية ولـ«حزب الله» وإيران. والمغامرة التي أعطيت لها جاءت على طبق من ذهب. إسرائيل مستعدة لشراء تلك المغامرة التي نزعت عنها الكلفة الإنسانية والحقوقية، بل أسدلت عليها رداء مشروعية الدفاع عن النفس كما تقول. كل ذلك يُعبّر عن قصور في التعامل مع المراحل والدول من قبل المغامرين.

ومع بدء عمليّة «الأسد الصاعد» تأخذ المرحلة الحربيّة قمة أوجها، فالمسألة ليست مزحة، إنها ليست عمليّة تأديبية لحزب من هنا، أو حركة هناك، وإنما حرب شاملة مفتوحة على مصراعيها، بل هي الأعنف منذ حرب إيران والعراق.

والفكرة الرئيسية أن إسرائيل استعملت مفهومين في هذه الحرب؛ الأول: أن الحرب دفاعٌ عن وجود، وبالتالي ليست المسألة سياسيّة بالمعنى التقليدي، وليست رحلة صيد، لها زمنها وطقسها، وبدايتها ونهايتها، وإنما هي حربٌ تتعلق بالوجود الإسرائيلي، وبالدفاع عن كيان الدولة، وعليه فإن هذا التسبيب لشنّ الحرب له جوانبه القوميّة والدينية والسياسية، بل إن الحرب بالنسبة لهم دفاع عن مستقبل وجودهم على المدى البعيد. الثاني: أن الحرب مسألة أمن قومي إسرائيلي مشروع وفق الأدبيات التي تطرحها، بمعنى أن إسرائيل لم تخض الحرب من أجل توبيخ أو تأديب إيران، وإنما لإزالة التهديد، وهذا المفهوم مركّزٌ عليه في المختصرات الصحافية للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وهم بذلك ينزعون العتب الأوروبي تحديداً بوصفه مثقلاً بالحديث عن الحريات وحقوق الإنسان، ومشبعاً بالحديث عن قواعد الاشتباك وأدبيات الحرب. استعمال إسرائيل مفهوم إزالة التهديد حشد معها حتى المعارضين لبعض سياساتها في الداخل والخارج.

لقد علّمتنا التجارب أن إسرائيل عنيدة، ولا تُحسن لعبة الصدف، وإنما درَست هذه الحرب على مدى عقود، وأسست لها تقنياً وتكنولوجياً واستخباراتياً. التكلفة لن تكون سهلة على الطرفين بالتأكيد، ولكن بالنسبة لإسرائيل فإن إيران اليوم «لقمة سائغة» بسبب الهشاشة التي سببتها الأحداث الأخيرة، نعم لقد أسست مرحلة ما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لما يُسمّى المناطق الرخوة؛ حيث عانت بعض الدول المحيطة بالحدث من ضعف طاقتها وفقدان حيويّتها.

رأت إسرائيل أن ترفع السلاح لإنهاء تهديدات وجودها دفعةً واحدة كما هي تصريحات المسؤولين، ولذلك فإن الدرس الحالي يتمثّل في ضرورة عدم الاستهتار بقوّة الآخر، بل في الانضباط والاستعداد لردّة الفعل العنيفة والاعتبار من التجارب القديمة.

الحيويّة السياسية في الإقليم سعت بشكل حثيث نحو إطفاء هذه الحرائق ببيانات رسميّة، لأن استمرار أمدها على «التأبيد»، كما يصرّح طرفا هذه الحرب، يعني أننا أمام حرب بشعة وغير متكافئة، ولا أفق لها. بمعنى آخر؛ الحرب صحيح أنها قادرة على تغيير الشكل والتبويب، وربما تغيير بعض الأعماق الأمنية والسياسية، غير أن الأفق المطلوب لا بد من رسمه حتى لا تكون هذه الحرب أبدية أو طويلة الأمد وبشكل عبثي. من الضروري استيعاب مواضيع التفاوض والنقاش الحيوي، نعم إسرائيل ضربت بضراوة وقوة وعن قصد وتخطيط، بينما إيران لم تستطع الخطوَ نحو الاتفاق الأساسي الذي يمنع عنها الخطر، وهذا يعني أن الانتقام سيكون هو المرجع.

الخلاصة؛ أن كل حرب لها تكاليفها، والعبرة في وزن المخاطر الناتجة عنها. الحرب جزء من تاريخ البشرية، وستظلّ كذلك، فهي من حركة التاريخ أو حتميته. الحرب لا تؤذي الطرفين فقط وإنما تؤثر على المحيط كله. من الواضح أنها حرب مفتوحة على مصراعيها، ولن تنتهي قريباً، وإنما القصد ضرورة التذكير بدروس التاريخ من حروب إسبرطة ما قبل الميلاد وإلى اليوم، وأهم هذه الدروس للطرفين كيف ستكون كل دولة بعد هذه الحرب؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب شرسة في محيط متصدّع حرب شرسة في محيط متصدّع



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt