بقلم : فاروق جويدة
من وقت لآخر يظهر الأستاذ محمد حسنين هيكل فى سلسلة حوارات أجرتها الإعلامية لميس الحديدي، ولا شك فى أننا الآن فى حاجة لأن نسمع هيكل رغم رحيله، خاصة أن القضايا لم تتغير، والواقع الذى نعيشه غاية فى الارتباك، وكان هيكل طرفًا أساسيًا فى كل ما جرى من الأحداث رفضًا أو قبولًا.. إن هيكل تحدث كثيرًا عن خطط إسرائيل فى تقسيم العالم العربى حربًا أو سلامًا، وقد قرأ نيات إسرائيل منذ وضعت أقدامها فى فلسطين وفى قلب العالم العربي.. وهيكل يعلم أن إسرائيل تمتلك سلاحًا نوويًا يهدد العالم العربى كله، وكانت هناك مبررات كثيرة لرفضه فكرة السلام مع إسرائيل فى كامب ديفيد، وكان منزعجًا من تهافت بعض الدول العربية على التطبيع مع إسرائيل، وأنها وصلت لما أرادت.. إن أحاديث هيكل كانت قراءة للواقع واستشرافًا للمستقبل، ورغم رحيله فمازالت مواقفه وأفكاره كأنها مازالت بيننا.. فى الظروف الصعبة التى يعيشها العالم العربى نفتقد الكثير من الحكمة، خاصة أن المصالح تضاربت والمواقف اختلفت أمام واقع تسوده الفوضي، وقراءة الأحداث.. ارجعوا إلى حوارات وتحليلات هيكل لأنها كانت قراءة واعية وصادقة لمستقبل أمة وسط العاصفة.
إن إعادة حوارات هيكل على الفضائيات المصرية والعربية رسالة للأجيال الجديدة التى لا تعرف الكثير من الخبايا والأسرار..
فى أوقات المحن والأزمات لابد أن نحتكم للعارفين، وهم قلة، والعالم العربى يعيش مرحلة صعبة غابت عنها أصوات الحكمة.. بعض الإعلام العربى يفتقد الحوار ولا يعترف بالرأى الآخر، ولذلك غابت الحقائق ولم يعد المواطن العربى قادرًا على قراءة صحيحة للواقع، وعلينا أن نعيد للحوار قدسيته من خلال رموز رحلت وكانت ترى ما لا نراه نحن الآن.