توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين

  مصر اليوم -

ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين

عريب الرنتاوي

خلال السنوات الخمس المقبلة، من المفترض أن ترتفع أعداد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس إلى قرابة المليون مستوطن ... الدولة الفلسطينية المستقلة التي تبدو متعذرة اليوم، ستصبح مستحيلة في نهاية هذه الفترة ... إخلاء المستوطنات وإزالة البؤر الاستيطانية، التي تبدو متعذرة اليوم، ستبدو مهمة عصية على أية حكومة أو ائتلاف حكومي، مهما أوغل في «يساريته» أو في «حبه للسلام» ... الاستيطان الزاحف الذي أتى على فرصة قيام دولة قابلة للحياة، سيجهز على فرص الحياة بالنسبة لثلاثة ملايين فلسطيني، هم إجمالي سكان هذه المنطقة من فلسطين، بعد سنوات خمس عجاف.
تتركنا هذه التطورات على المديين المتوسط والبعيد، أمام ثلاثة سيناريوهات: أولها: قيام إسرائيل بعمليات تهجير منظمة، للتخلص من «فائض السكان الأصليين»، سواء تحت التهديد الأمني أو بفعل الحصار والتجويع الاقتصاديين، وهنا يتعيَّن على الأردن، أن يشعر بالقلق، فهو المكان الأول، إن لم نقل الوحيد، المرشح لاستقبال «مخرجات» التوسع الاستيطاني و»فائض الديموغرافيا» الفلسطينية.
السيناريو الثاني: إقدام إسرائيل في السنوات القليلة القادمة، على اتخاذ خطوة /خطوات أحادية الجانب، تنسحب بنتيجتها من مناطق الكثافة السكانية، تاركة للفلسطينيين أمر إدارة هذه المناطق بأنفسهم، مع حملة ضغط دولي تستهدف دفع الأردن، للقبول بإنشاء علاقة من نوع ما، مع هذا الكيان المسخ، بهدف مدّه ببعضٍ من نسغ الحياة، ودائماً لاعتبارات الأمن الإسرائيلي في المقام الأول والأخير ... وهذا سيناريو لا يقل خطورة عن السيناريو الأول.
أما السيناريو الثالث، فهو تحول الفلسطينيين من شعار «الدولة المستقلة» إلى شعار «الدولة الواحدة، ثنائية القومية»، هو أمر دونه خرط القتاد إسرائيلياً، فاليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، يمكن أن يقبل تحت الضغط بدولة فلسطينية على جزء من الضفة، لكن قبوله بدولة ثنائية القومية ونظام «صوت واحد للناخب الواحد»، يندرج في عداد المستحيلات ... يستوي في ذلك أهل اليمين مع أهل اليسار في دولة الاحتلال والاستيطان.
من منظور الأرجحية، يبدو السيناريو الثاني، مطعماً ببعض عناصر السيناريو الأول، هو الأكثر ترجيحاً ... إسرائيل ستبذل أقصى ما بوسعها لاستيعاب مزيد من أراضي الفلسطينيين وضمها، بأقل أعداد من السكان ... إسرائيل ستعتمد كل وسيلة من أجل إفراغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكانه ... وهي بموازاة ذلك، ستعمل على «الفصل العنصري» تحت مسمى الانسحاب من جانب واحد، لأنها لا تحتمل «الفصل العنصري» في ظل الدولة الواحدة.
أخطر ما يمكن أن يحدث في سياق سعي إسرائيل لتنفيذ السيناريو الثاني، هو أن تجد من بين الفلسطينيين، شريكاً «ذي صدقية»، يقبل بالتعامل مع مخرجات الأحادية الإسرائيلية ... والقبول هنا، لا يعني بالضرورة العمالة للاحتلال، فقد نجد من صفوف الحركة الوطنية من يدعو بذريعة «الواقعية السياسية» للتعامل مع الأمر الواقع الجديد، وقد يجري تمويه هذا التخاذل، بالحديث عن النضال لاستكمال تحرير بقية المناطق المحتلة .... وقد نجد من بين الحركة الإسلامية في فلسطين، من يدعو بذريعة «الأولوية للإنسان وأسلمته وأسلمة المجتمع»، ما يدفعه للتعامل الواقعي مع هذا السيناريو، يساعده على ذلك، أن إسرائيل لن تنتظر منها تفاوضاً أو صلحاً أو اعترافاً بها ... حيث سيكون بمقدور هذا الفريق، الزعم بأنه يدير مناطق «محررة»، من دون أن يقدم أي تنازل تاريخي ... «شيء ما» مما حصل في غزة، بعد الانسحاب الإسرائيلي الأحادي، خاصة بعد انتخابات 2006، وقرار «الحسم»/ «الانقلاب» في 2007.
إن حصل مثل هذا «التجاوب» الفلسطيني مع نتائج ومخرجات الأحادية الإسرائيلية، وتحت أي حجة أو ذريعة، تكون إسرائيل قد نجحت في تمرير «دولة الحدود المؤقتة» على الفلسطينيين .... ويكون الاعتبار قد عاد لشارون صاحب نظرية «الهدنة طويلة الأمد»، أو «الحل الانتقالي بعيد الأمد» ... وسنكون قد تلقفنا الكرة في قلب ملعبنا، بعد أن كانت في الملعب الإسرائيلي.
وبذريعة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين تحت الاحتلال، قد يجري الترتيب لـ «مشروع مارشال» صغير، وفق معايير طوني بلير، وسلام نتنياهو الاقتصادي، والمدرسة «الفياضية» في التفكير السياسي الفلسطيني ... حينها ستكون النتيجة الوحيدة المنتظرة، هي تمرير المشروع الإسرائيلي، بأقل قدر من المقاومة والتكاليف ... أليس هذا هو الهدف من وراء مشروع «الانسان الفلسطيني الجديد»، الذي اخترعه بلير / دايتون، وبغطاء فلسطيني، كانت «الفياضية» عنوان مرحلة كاملة من مراحله؟
مواجهة هذه السيناريوهات، يُملي على الفلسطينيين التفكير من خارج الصندوق، والبحث ربما لأول مرة، عن استراتيجية بديلة بعيدة المدى، فالأرض الفلسطينية، كما بقية حقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لم تعد ثابتة، بل باتت قابلة للتصرف، وهي تُصرّف الآن، باتجاهات شتى ليس من بينها «حق العودة والدولة والعاصمة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt