توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ورقة الجيش

  مصر اليوم -

ورقة الجيش

فهمي هويدي

لا أستطيع أن أطمئن إلى براءة الرسائل التى توجه إلى الجيش المصرى هذه الأيام. تلك التى تحاول أن تغازله أو تحتمى به أو تستفزه أو تستدرجه بأى ذريعة أخرى لكى يعود إلى الساحة السياسية من أى باب، ذلك أن أحدا لا يختلف على أن أحد الإنجازات المبكرة والمهمة التى حققها الرئيس مرسى أنه ألغى المجلس العسكرى الذى بدا أنه استمرأ السلطة. فأعاد الرئيس الجيش إلى ثكناته لكى يؤدى دوره الوطنى فى مكانه الطبيعى وساحته الأصلية. ولايزال يحضرنى تعليق مسكون بالدهشة والإعجاب، سمعته فى أنقرة آنذاك خلاصته أن ما حققته الحكومة التركية فى هذا الصدد بعد عشر سنوات (استبعاد العسكر من دائرة القرار السياسى) أنجزه الرئيس مرسى خلال أسابيع قليلة. لقد حمـّل البعض التصريحات الأخيرة التى أدلى بها الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع بأكثر مما تحتمل، فحين قال فى 29/1 إن استمرار الصراع الراهن بين القوى السياسية يهدد بانهيار الدولة المصرية، اعتبر البعض أن كلامه بمثابة إعلان عن إثبات الحضور وتعبير عن القلق جراء ابتعاد الجيش عن الساحة السياسية، وذكرت صحيفة الحياة اللندنية ان الجيش أراد بذلك أن يكن له موطئ قدم فى حلبة السياسة، فى حين قالت نيويورك تايمز إن كلامه يثير احتمال عودة الجيش إلى السياسة. وقبل ظهور كلام الفريق السيسى دأبت بعض الأبواق الإعلامية على الإشارة إلى أن ثمة استياء فى أوساط الجيش جراء المساس ببعض قياداته. وقرأنا آنذاك عنوانا رئيسيا وتحذيريا أطلقته إحدى الصحف استخدم العبارة التالية: الجيش إذا غضب، وفسرت الدعوة التى ألغيت بعدما وجهها وزير الدفاع إلى ممثلى القوى السياسية للالتقاء حول مائدة غداء بأنها من إشارات التواصل ومد الجسور مع الحالة السياسية. وقرأنا بعد ذلك لمن دعا إلى تولى وزير الدفاع إدارة الحوار بين الرئاسة والمعارضة، ثم طالعنا مبادرة للحوار مع الرئيس دعت إلى مشاركة وزيرى الدفاع والداخلية، وعاد أحدهم أخيرا لكى يحث الفريق السيسى على التدخل فى اللعبة، ويذكره بأنه مدين لأهل السياسة بدعوة غداء لم تتم وعليه أن يفى بها...الخ. الملاحظة بل المفارقة الأساسية فى كل ذلك ان رموز المعارضة الذين يوجهون خطابات الاستدعاء المتلاحقة للجيش يقدمون أنفسهم بأنهم أنصار الدولة «المدنية». الأمر الذى يعنى أن خصومتهم للإخوان جعلتهم على استعداد للاستقواء بأى طرف لمواجهتهم وإنزال الهزيمة بهم، وهو ما يدعونا للقول بأن إخواننا هؤلاء إذا كانوا قد قبلوا الاصطفاف إلى جانب بعض رموز النظام السابق الذى هو الخصم الأساسى للثورة، فليس مستغربا ان يتخلوا عن مدنية الدولة. ويلجأوا إلى الجيش لذات الغرض. افتح هنا قوسا واستأذن فى نقل رواية سمعتها من أحد النشطاء البارزين قبل أيام. بعد الإعلان عن التوافق بين حزب النور السلفى وبين بعض قيادات جبهة الإنقاذ. إذ قال لى إنه شارك فى حوارات مطولة لإقناع السلفيين بأن الليبراليين والعلمانيين ليسوا ملحدين أو كفارا، ولم يصدق أذنيه حين فوجئ بأن الطرفين أصبحا «يدا واحدة» الآن فى بعض المواقف. لا أعرف كيف استقبل الجيش تلك الدعوات والرسائل. ولا أنكر أن تصريحات بعض المنتسبين إليه تفتح الأبواب للحيرة والالتباس. فلم يكن موفقا قائد الجيش الثانى بالسويس مثلا حين صرح لإحدى الصحف بأن الجيش يقف على مسافة واحدة من الجميع. لأننى أفهم أن المؤسسة العسكرية ليست محايدة بين المتصارعين فى الساحة السياسية حتى الذين يشيعون الفوضى ويستخدمون العنف منهم. وان المكان الطبيعى لها هو أن تقف مع الشرعية التى ارتضاها الشعب. كما كان مستغربا ان يقول ضابط سابق له صلته الوثيقة بالأجهزة السيادية فى أحد البرامج التليفزيونية ان مجموعة الكتلة السوداء (بلاك بلوك) التى ظهرت مؤخرا وشاركت فى التخريب لا تمثل خطرا على البلد، فيما يعد قبولا ضمنيا بالدور الذى قامت به. صحيح أن اللغط لم يتوقف فى بعض الدوائر حول موقع وميزات المؤسسة العسكرية، وهناك مطالبات لا تخلو من وجاهة دعت إلى تخلى الجيش عن بعض الأنشطة الاقتصادية التى لا تليق بمكانته أو رسالته. لكن ذلك لا يخل بالإجمال الوطنى على ضرورة الحفاظ على قوة الجيش ورفع كفاءته والنأى به عن التورط فى آلاعيب السياسة وتقلباتها، إلا أن بيننا من يتجاهل كل ذلك ويسعى جاهدا إلى تحويل الجيش إلى «ورقة» يستقوى بها ويضغط، لترجيح كفة طرف فى اللعبة السياسية فى مواجهة طرف آخر، وهو شىء محزن حقا أن يقف بعض دعاة الدولة المدنية وراء هذه المحاولات معرضين بذلك عن استخدام آليات الممارسة الديمقراطية، الأمر الذى يثير لدينا سؤالا كبيرا يشكك فى أهليتهم لأن يكونوا بين خيارات المستقبل وبدائله التى يمكن المراهنة عليها. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ورقة الجيش ورقة الجيش



GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 09:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 09:18 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 09:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 09:15 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

سيدفع الثمن الأغنياء والفقراء على حد سواء

GMT 09:14 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«خليها تعفن»!!

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon