توقيت القاهرة المحلي 09:57:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

... مستنهِض الضاد

  مصر اليوم -

 مستنهِض الضاد

بقلم : فؤاد مطر

هذا الاستنهاض للضاد المتمثل بـ«مجمع الملك سلمان للغة العربية» زادنا أملاً بالحق يسود ضد الباطل ونحن نودّع سنةً لا أعاد الله على الأمتين ويلاتها؛ لأنها كانت سنة التدمير والتجويع والإبادة في غزة ولبنان من جانب إسرائيل نتنياهو والذين شدوا من أزره ولم يضعوا حداً لهمجيته. ومن أحدث إنجازات الاستنهاض إطلاق قناة تعليمية باسم «العربية للعالم للأطفال». وهذا يذكِّرنا بأفكار واقتراحات للدكتور حسن الشافعي، رئيس «مجمع اللغة العربية»، باستعمال اللغة العربية في جميع وجوه النشاط الرسمي للوزارات والمصالح اليومية.

ومثل هذه المطالبة جديرة بالاهتمام بكل دولة عضو في الجامعة العربية المأمول منها استحداث إدارة ينحصر اهتمامها باللغة العربية، بل ولعله جدير بالاهتمام إذا عقد وزراء الثقافة والتعليم في الحكومات العربية دورة لهم مثل سائر الدورات، ويناقش هؤلاء الظواهر المتصلة باللغة العربية. وفي الزمن الذي اختلط اللفظ بالعربية إلى جانب لغات أجنبية وتحديداً الإنجليزية والفرنسية؛ فإنه بات التنبه مطلوباً لحماية اللغة العربية. وهذا هو المأمول من مبادرات تصدر عن مقامات عربية ذات الشأن حول اللغة العربية على نحو «مجمع الملك سلمان للغة العربية» الذي نفترض أنه استحضر من الزمن العربي التألق المبهر للضاد في الزمن الأندلسي الغابر وكيف أن باباوات الفاتيكان كانوا يقصدون الأندلس لتعلُّم العربية، وأن مفكراً بريطانياً (روجر بيكون) نُقل عنه قوله: «إن من يتعلم العِلم يجب أن يتعلم اللغة العربية». كما نفترض أن اهتمام أمير الشارقة الشيخ سلطان القاسمي يعزز شأن لغة الضاد. ومن مبادرات الشيخ سلطان في هذا الشأن استكمال إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية.

ثمة قضايا ملحّة يتطلب الاهتمام بها ونفترض أن «مجمع الملك سلمان للغة العربية» سيعيرها من الاهتمام القدر الذي يرى فيه حماية اللغة من حماية الوطن. وما دامت الضاد هي اللغة التي نزلت آياتها على الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم - وثمة محاولات من أطراف إسلامية لكي تختلط أبجديتها بأبجدية لغة القرآن الكريم، فإن الاهتمام لا يعود مجرد حالة من جملة الحالات في هذا المجتمع العربي أو ذاك، وإنما هو واجب بل وأمانة، خصوصاً في عهدة أولياء الأمر.

وكوني أحد كتَّاب الرأي في «الشرق الأوسط» فإنني منذ بدء الانتساب إلى صحيفة العرب الدولية أبعث بمقالتي التي يأخذ التشكيل ضمة أو كسرة أو فتحة أو سكون طريقه إلى بعض الكلمات، وبالذات التي تحمل معنى غير المقصود وروده؛ وذلك لتفادي قراءة هذه الكلمة على نحو ما يحدُث مراراً مع قارئي نشرات الأخبار في الفضائيات وتصريحات يدلي بها مسؤولون. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ثمة كلماتٍ ذات معنييْن ومن الأفضل في هذه الحال اعتماد تشكيل الكلمة لتفادي الخطأ في المعنى المقصود. ومن هذه الكلمات «طبقاً» التي عند وضْع كسرة تحت الطاء وسكون فوق الباء فإن معناها يختلف تماماً عما إذا نحن وضعْنا فتحة فوق الطاء ومثيلتها فوق الباء. الطبق هنا صحن، أما بكسر الطاء فإن معناها الاستناد إلى أمر ما... إلخ.

لن نضيف المزيد من كلمات الضاد التي تحمل من دون التشكيل معنييْن فهي كثيرة، وهي في ذلك تتميز عن سائر لغات العالم على ما يجوز الافتراض. وقد نجد من يرى أن عدم التشكيل هو بمثابة تخفيف أثقال عن الكلمة. لكن عندما تحمل الكلمة معنييْن فهذا يعني أن التشكيل لبعض الكلمات التي تحمل معنييْن هو نوع من التجميل للضاد، أو إذا جاز القول هو «مكيجة» لبعض الكلمات. ومن جانبه، أضفى الأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبد العزيز في فترة إمارته المدينة المنورة جمالية تراثية على كلمات مختارة من الضاد تجسدت في تحويلها من جانب خمسين خطاطاً لوحاتٍ فنية وبما يؤكد أهمية اللغة العربية حروفاً وتشكيلاً ونطقاً وجمالية.

ثمة الكثير من التأملات في هذا الذي نكتب حوله، لكن عندما تكون اللغة هي الهوية وهي «قضية أمن قومي» على حد توصيف الأمير تركي الفيصل لها، كما على حد قول صالح بلعيد، رئيس «المجلس الأعلى للغة العربية» في الجزائر، بأن العربية الفصحى بالتشكيل الذي نشير إليه «تستطيع مواجهة العولمة اللغوية»، يصبح من الطبيعي إعادة التأمل في واقعها الراهن خصوصاً أن سنوات من الاستعمار والانتداب عصفت بأحوال الأمة واستهدفت من جملة استهدافاتها اللغة العربية. ونستحضر هنا على سبيل المثال لا الحصر حملة التعريب التي لم تكتمل فصولاً في الجزائر وما أحدثتْه فرنسا على مدى قرن من الاستعمار لها، وبالذات في فرنسة اللسان العربي. حدث ذلك في زمن مضى وها هي اللغة العربية تأخذ مداها في المجتمع الجزائري، كما أن تعريب بعض الكلمات المتداولة وقد دخلت المجتمعات عصر الذكاء الاصطناعي مرشح لأن يكون حاضراً في مصطلحات كثيرة وعند استعمال كلمات مثل كلمة «إنترنت» بحيث تصبح «شابكة» وكلمة «كمبيوتر» بحيث تصبح «حاسوب».

وهكذا، فالأمة على موعد مع المزيد من الإضاءة للغة العربية بحيث تأخذ مداها في رحاب «مجمع الملك سلمان للغة العربية» وسائر المجامع العربية والإسلامية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 مستنهِض الضاد  مستنهِض الضاد



GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt