بقلم : محمد أمين
خطفت يومين فى بيروت، أخذت أسرتى فى زيارة سريعة.. استمتعت بالطبيعة الساحرة والجبل وأشجار الأرز، ولكن لم أنس أن تكون لها طابع ثقافى.. أشار علينا مضيفنا اللبنانى أن نزور مغارة جعيتا، ثم بعدها ذهبنا إلى متحف الشمع فى جبيل.. وهو متحف يعرض تماثيل الشمع، التى تمثل مشاهد وحقبا زمنية تبدأ من عصر إنسان ما قبل التاريخ، مرورًا بالعصور الفينيقية والصليبية والبيزنطية، وصولًا إلى تاريخ لبنان الحديث!.
يقع المتحف على ساحل شمال جبل لبنان، على مقربة من قلعة جبيل الفينيقية، التى تنتصب بجوار البحر على بعد نحو ٣٧ كلم من العاصمة بيروت، بالقرب من كاتدرائية مار يوحنا مرقس.. تأسس المتحف فى سبتمبر عام ١٩٦٧، يضم المتحف مشاهد متعددة من تاريخ لبنان القديم والحديث والفنون الشعبية، حيث يأخذ المتحف زواره برحلة عبر تاريخ لبنان منذ الفينيقيين مرورا بالقرون الوسطى والعصر الحديث حتى استقلال لبنان الحديث. كما تعكس بعض المشاهد حياة القرية اللبنانية وعاداتها!.
يتم الدخول إلى المتحف عبر سراديب من تحت الأرض بهدف إعطاء المشاهد أجواء المراحل التاريخية لما يعرض، ويضم المتحف ١٢٧ تمثالا من الشمع ويشكل ذاكرة للإرث الثقافى والفنى الحضارى للبنان والمنطقة!.
يضم متحف جبيل الشمعى تماثيل لعدد من الشخصيات والأعلام اللبنانيين، مثل جبران خليل جبران وحسن كامل الصباح وقدموس وبشير الثانى الشهابى وأحيرام وفخر الدين المعنى الثانى ومحمد وأحمد المحمصانى وبشارة الخورى، وكثيرين غيرهم، من أبرز هذه الشخصيات!.
وهناك مشاهير لعلماء وشعراء من العالم ولبنانيين ومشاهير مصرية مثل اهتمام المتحف بالرئيسين عبدالناصر وحسنى مبارك وأم كلثوم، فى أماكن واضحة كاشفة عن اهتمام كبير بالسياسة والفن فى مصر، أيضاً شاهدنا مشاهير رؤساء فرنسيين وأمريكان وشخصيات عربية وخليجية وشخصيات كرتونية عالمية ولبنانية!.
من العبث أن تقارن متاحف لبنان بالمتاحف فى مصر من حيث المساحة أو المقتنيات، ولا آثار لبنان بآثار مصر، ولكنك تحترم ما تقدمه لنا الحضارة اللبنانية والثقافة اللبنانية.. فلم نتوقف لنعقد المقارنات هنا وهناك، فالكفة سوف تميل لصالح مصر بالتأكيد.. أما الحاضر اللبنانى فهو يتميز بالجاذبية والنظافة والنظام والترتيب، فكل شىء مرتب كما يقولون فى لبنان!.
وأخيراً، اتجهنا جنوباً لزيارة قصر موسى فوق جبل لبنان، وهو أيضاً من تماثيل متحف الشمع، وهو معمارى لبنانى أسهم فى التأكيد على قيم الإصرار والعزيمة والانتصار، حيث أقام المتحف بنفسه من الألف إلى الياء دون أن يستعين بعمال من الجبل، وإنما عاونه فقط أبناؤه وأسرته!.
واستطاع الأولاد أن يسجلوا الزيارة بصور لهم فى الروشة والحمراء والفلمنكى وتمثال سيدة لبنان والجبل، لتكون ذكريات لهم فى زيارة بيروت، فضلاً عن صورهم فى الداون تاون وكافيهات وسط البلد!.