توقيت القاهرة المحلي 08:49:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكاية ليست «الملحد»

  مصر اليوم -

الحكاية ليست «الملحد»

بقلم: طارق الشناوي

أخيراً تم الإفراج عن فيلم «الملحد». شاهدته قبل يومين، وسوف يُعرض جماهيرياً بعد يومين. لن أحلل في هذه المساحة الشريط، فمن الممكن تأجيل القراءة السينمائية إلى لقاء آخر.

الفيلم حصل على تصريح بالعرض الجماهيري منتصف أغسطس (آب) العام الماضي. ما حدث بعد ذلك هو أن الشريط ذهب إلى المؤسسة الدينية، ومن هنا جاء التحفظ على العرض. لم تصدر المؤسسة الدينية أي قرار مباشر بالرفض؛ لكنها أيضاً لم تصدر قرار السماح بتداوله. منتج الفيلم لجأ للقضاء، وحصل على حكم قاطع يتيح له تنفيذ قرار الرقابة بتداول المصنف الفني.

الشريط من دون الدخول في أي تفاصيل درامية يدعو للإيمان بالله ونبذ الإلحاد، ولا يكتفي فقط بهذا القدر؛ بل إن بطل الفيلم في المشهد الأخير يعلنها صريحة مجلجلة: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله».

كانت كل اللقاءات الودية بين صناع الفيلم والمؤسسة الرافضة تبوء بالفشل، كما أن وزير الثقافة المصري الحالي دكتور أحمد هنو قد أعلن قبل نحو عام أنه حاول، ولكن لم يستطع تقريب وجهتي النظر الرافضة والمؤيدة.

أنا قطعاً أرفض أن يُعرض عمل ديني يتناول شخصية إسلامية من دون الرجوع للأزهر، وفي الوقت نفسه لا يجوز عرض أي عمل فني عن أحد القديسين إلا بعد العودة للكنيسة.

إلا أننا عندما نتناول سيناريو اجتماعياً مثل «الملحد» فلا علاقة هذه المرة بالمؤسسة الدينية، ولكن الرقابة فقط هي التي تملك القرار النهائي.

أتذكر قبل نحو 15 عاماً أن مفتي الديار المصرية الأسبق، الدكتور علي جمعة، شكَّل لجنة، وشرفني بأنني كنت الناقد الوحيد الذي تم اختياره بين أعضائها. الفيلم الذي أثار وقتها مشكلة هو «عبده موتة» بطولة محمد رمضان، والذي وافقت الرقابة على عرضه. احتج البعض عليه بسبب أغنية تقدَّم في «مولد شعبي»، وشاهد المفتي الأسبق الفيلم كاملاً معنا، ولم يعترض على شيء سوى تلك الأغنية.

ويومها طلبت الكلمة، وقلت إن أكبر خطر يواجه الفن والثقافة في أي مجتمع، أن تتعدد الجهات الرقابية، وأن العمل الفني لا يمكن أن تتم تجزئته، فيُعرض جزء منه على الرقابة وآخر على دار الإفتاء، وهكذا، والحمد لله أن تلك اللجنة لم تنعقد مجدداً طوال زمن تولي الدكتور علي جمعة كرسي دار الإفتاء.

يجب أن نتعامل على أرض الواقع، لم نعد في زمن يسمح أساساً بالمصادرة، فتعدد منافذ العرض يحول دون المنع. المنصات -مثلاً- حالياً لديها هامش أكثر رحابة في الحرية لعرض عشرات من الأعمال التي ربما تتحرج الفضائيات من السماح بها.

السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق: هل الدراما تصلح لمناقشة كل القضايا؟

نعم؛ بل هذا هو واجبها. شاهدنا في رمضان الماضي مسلسل «لام شمسية» الذي تعرَّض للتحرش الجنسي بالأطفال. بعده تابعنا أكثر من قضية تحرش على أرض الواقع، واكتشفنا أن مخرج المسلسل لم يبالغ؛ بل كان ينبغي لنا مناقشة كل ما يقع تحت عنوان «المسكوت عنه». فتح باب التعبير، يقف حائط صد ضد أي أفكار نصنفها بالأفكار الهدامة؛ بل إن هذا هو الطريق الوحيد لكي يتحرك المجتمع للمواجهة.

الثقافة تنتعش بهذا الهامش، كما أن من مصلحة المؤسسات الدينية بكل أطيافها أن تبتعد عن الاشتباك مع القضايا الفنية التي تخضع في النهاية لرؤية خاصة ونسبية في التلقي، تضيق أحياناً وتتسع أحياناً، إلا أنها أبداً ليس لها معايير مطلقة مثل الأديان.

«الملحد» في النهاية يدعو للإيمان بالله، إلا أنه ليس هو أبداً القضية التي يمكن طرحها على المؤسسة الدينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكاية ليست «الملحد» الحكاية ليست «الملحد»



GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 08:31 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 15:46 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

انخفاض جماعي في أسعار المعادن والفضة تهوي لأقل من 80 دولارًا
  مصر اليوم - انخفاض جماعي في أسعار المعادن والفضة تهوي لأقل من 80 دولارًا

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1

GMT 03:43 2021 السبت ,01 أيار / مايو

تامر حسني يطرح بوستر فيلم ”مش أنا”

GMT 03:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع يغادر إلى البرتغال لدعم علاقات التعاون العسكري

GMT 09:04 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt