توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرق الأوسط... حدود اليأس وإشراقات الأمل

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط حدود اليأس وإشراقات الأمل

بقلم:إميل أمين

من أشهر الأقوال التي عُرف بها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر (1905-1980) «عند الجانب الآخر من اليأس يُشرق الأمل»، والمقولة تعني أن الأمل غالباً ما يظهر ويُدرك في لحظات اليأس؛ حيث إن الظلام يسبق الفجر دائماً، كما أن الإيمان بأن كل شيء ممكن هو ما يدفع الناس إلى المحاولات الجادة.

هل الشرق الأوسط على موعد مع إشراقة أمل بعد ظلام دامس دام لمدة عامين شهد فيهما واحدة من أسوأ النكبات الإنسانية على أرض غزة؟

بعيداً عن الإغراق المُطلق في التفاؤل، أو السوداوية المؤلمة في مواجهة الواقع الجديد، يُمكننا القطع بأن اتفاق غزة، حتى لو رآه البعض هشّاً بنيوياً أو يحمل في ثناياه وحناياه مخاطر كبيرة، قبسٌ من نور يُبدد ظلمة مفاعيل الاحتلال.

تحتاج أحداث العامين الماضيين إلى التوقف طويلاً بالبحث والدرس، واستخلاص العبر، عسى أن تكون في مراجعة مجريات الأحداث فوائد تنسحب على مستقبل المنطقة برمتها.

البداية قطعاً من عند أنفع وأرفع مشهد عرفه الشرق الأوسط والعالم العربي باقتدار، مشهد التضامن العربي، الذي أعاد التذكير بأن طرح القضايا المصيرية يبدأ من عند الذات، لا من طرف الآخرين.

نجح العرب هذه المرة في بلورة صوت قضيتهم العادلة، من خلال جهود المملكة العربية السعودية، التي عُدَّت رأس حربة في المناداة عالياً وغالياً، بحق الدولة الفلسطينية المستقلة في الوجود، عطفاً على الموقف المصري الحازم والحاسم الذي رفض كل أفكار التهجير، وفقدان أصحاب الأرض حقوقهم التاريخية، ورفضاً لمنطق القوة الخشنة، ومن غير ردات فعل عاطفية غير محسوبة.

من القاهرة إلى الرياض، مروراً بعمان، وصولاً إلى غالبية العواصم العربية، نجح العرب في إظهار عدالة قضية طال غبنها لثمانية عقود، وجاءت لحظات شرم الشيخ لتكون نقطة انطلاق.

لا يعني ما جرى في شرم الشيخ أن الحياة أصبحت سخاءً رخاءً، فالمخاوف تتربص بالمراحل التالية من الاتفاق، لكن من الواضح أن هناك متغيرات مثيرة تستحق النظر إليها ولو بشيء من التفاؤل الموضوعي والعقلاني.

البداية من عند موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي لعب، وعن حق، دوراً كبيراً ومحفزاً على الوصول إلى تلك اللحظة.

يقول أحدهم إنه موقف براغماتي من ترمب. ليكن الأمر كذلك، ففي كل الأحوال يكفي وقف سفك المجزرة اليومية، وتجريد الغزاويين من أراضيهم شبراً بعد شبر، ولعله منذ الرئيس دوايت أيزنهاور (1890-1969)، لا تحفل الذاكرة العالمية، برئيس أميركي استطاع بصورة أو بأخرى، دفع إسرائيل في مسارات سياسية، على غير رغبة منها، وأن يلزم رجلاً لا دالة له على السلام، مثل بنيامين نتنياهو، على القبول بصفقة قد تفتح الباب أمام دروب السلام، إن قدر لها المزيد من الدعم الأميركي، والمساندة الأممية.

من المشاهد التي تستدعي التأمل في الساعات القليلة الفائتة، عودة التضامن العربي - الإسلامي مرة أخرى، وقد كان لإندونيسيا وباكستان دور فاعل ومؤثر في المشهد، وتكفي مطالعة تصريحات السيد محمد شهباز، رئيس وزراء باكستان، ليقطع المرء بأن تضامناً حيوياً فاعلاً يطفو على السطح من جديد.

أما عن الحضور الأوروبي، فيمكن القول إن الدول المشاطئة على المتوسط، دول البحر الكبير، كما سمّاه العرب سابقاً، قد أخذت زمام التحرك، بل إن تصريحات رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، تشي بأن لندن ربما تفكر في التكفير عن خطيئتها الأصلية، والحديث عن ذلك الوعد المشؤوم، من خلال الإسهام في إعادة الأمن والانضباط إلى الشارع الغزاوي، الذي يبدو متناحراً وبصورة بعيدة عن أي عقل، ومن غير هدى أو تؤدة لجهة «البيت الذي ينقسم على ذاته يخرب».

من المشاهد التي يُمكن النظر إليها، والتوقف كذلك معها، خطاب الرئيس ترمب في الكنيست الإسرائيلي؛ حيث بدا الرجل ملكياً أكثر من الملك، غير أن هذا وإن كان أمراً معروفاً ومألوفاً، فإن الوجه الثاني من العملة لا بد له أن يتجلَّى في بيانات مراكز الأبحاث الموثوقة في الداخل الأميركي، وفي المقدمة منها «بيو ريسيرش سنتر»؛ حيث تبدو نسبة تأييد إسرائيل، لا سيما بين الأجيال الصاعدة، متراجعة بشكل يقلق مستقبل العلاقات الأميركية - الإسرائيلية.

ومرة جديدة نتساءل: هل في التغيُّرات الجيوسياسية الأممية ما دفع سيد البيت الأبيض في طريق تغيير موقفه، من إدارة ترفض إعطاء رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس تأشيرة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى رئيس يلتقط صوراً تذكارية معه في شرم الشيخ؟

ربما الأمر موصول بـ«وحوش أنطونيو غرامشي» ومآلات المشهد الدولي، وللحديث بقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط حدود اليأس وإشراقات الأمل الشرق الأوسط حدود اليأس وإشراقات الأمل



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt