توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين المستقلة ومستقبل الأمم المتحدة

  مصر اليوم -

فلسطين المستقلة ومستقبل الأمم المتحدة

بقلم:إميل أمين

تنطلق في مدينة نيويورك في الثاني والعشرين من سبتمبر (أيلول) الحالي أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يترقبها العالم بنوع خاص؛ حيث من المتوقع أن تستضيف المنظمة الأممية اجتماعاً سعودياً - فرنسياً يسعى في طريق بلورة واقع أممي جديد وخلّاق يعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة، لا سيما في ضوء تخطيط بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا الاعتراف رسمياً بهذه الدولة.

على أن واشنطن استبقت الجميع في نهاية أغسطس (آب) المنصرم، بقرار يمنع دخول رئيس السلطة الوطنية محمود عباس ونحو 80 من الوفد الفلسطيني، الولايات المتحدة.

قرار المنع يستند إلى اتهام بأن السلطة الوطنية الفلسطينية فشلت في إدانة هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتحريض المزعوم على الإرهاب.

المبرر في واقع الحال منحول، ذلك أن أبو مازن أدان الهجوم المذكور في رسالة رسمية أرسلها إلى الرئيس الفرنسي ماكرون قبل بضعة أسابيع.

ليس سرّاً أن واشنطن لم تعد تحمل الكثير من الودّ للسلطة الفلسطينية، خصوصاً في ظل ما تعدّه حرباً قانونية تشنّها على إسرائيل عبر الساحة الدولية، كما الحال في السعي لجهة محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة.

هل يحق لواشنطن، بداية الأمر، أن تمنع ممثلي الدول الأعضاء من الوصول إلى البيت الزجاجي الشهير؟

حسب البند الحادي عشر من اتفاقية مقر الأمم المتحدة، يحظر على الولايات المتحدة تقييد الوصول إلى المبنى الزجاجي الشهير لأي شخص تتم دعوته من قبل الأمم المتحدة.

الاتفاقية نفسها ملزمة قانوناً لأميركا، لأنها معاهدة دولية وقَّعتها ووافق عليها الكونغرس في القانون المحلي عام 1947، وبموجب الدستور الأميركي، فإن المعاهدات التي يُصادق عليها مجلس الشيوخ ملزمة للسلطات الفيدرالية والولايتية.

هل جاء قرار «الخارجية الأميركية» محاولة لردع عباس عن إصدار «إعلان استقلال» الدولة الفلسطينية خلال خطابه أمام الجمعية العامة؟

على عتبات الجمعية العامة المقبلة، يبدو أن المشهد كالتالي، جبهة أميركية - إسرائيلية منفردة، في مواجهة بقية العالم تقريباً، والمنادي بوضع حد لمسيرة الآلام الفلسطينية، وجرائم الإبادة التي طالت لنحو ثمانية عقود.

نجح جدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلي في إقناع نظيره ماركو روبيو، اليميني بامتياز، غير المعوز لمن يحفزه، للعمل على معاقبة الفلسطينيين، ما أدَّى إلى إلغاء منح التأشيرات للوفد الفلسطيني.

هل تضرب واشنطن عرض الحائط باتفاقية المقر؟

من المؤكد أن ذلك كذلك، ما يُعيد التذكير بما جرى عام 1988، حين منعت إدارة رونالد ريغان دخول ياسر عرفات، قبل أن تتاح له فرصة أخرى في جنيف.

غير أنه، وسواء تكرر الأمر أم لا، فإن علامة الاستفهام الحري بنا طرحها هي: أي مستقبل لكيان أممي تتلاعب به دولة بعينها وبالضد من خطوط الطول والعرض لاتفاقية المقر؟

القرار الأميركي يُمثل دون أدنى شك إضعافاً للدبلوماسية الدولية، وتكريساً للهيمنة الأحادية تحت سقف منظمة يفترض أنها تعددية.

من هنا وببساطة يُمكن القطع بأن الأمم المتحدة لم تعد منبراً لجميع الشعوب، بل لصاحب صولجان القوة والمنعة، عسكرية كانت أم مادية، ما يُقوض مبادئ التنوع، ويسحق ركائز القانون الدولي، بل يسد فسحات الأمل في الحوار.

بهدوء وتؤدة شديدين، سعى، ويسعى، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في طريق الإصلاح الذي بدأ من عند بطرس غالي وكوفي عنان مروراً ببان كي مون.

العالم في عيون غوتيريش طيب النية، صادق الطوية، المنادي بدولة فلسطينية مستقلة، يعاني تحديات جساماً تتطلب حلولاً جماعية، ضمن أطر مترابطة وشاملة في طريق «الخير العام».

يعن لنا التساؤل: ما فائدة مشروع ميثاق المستقبل، والميثاق الرقمي، اللذين دار الحديث من حولهما العام الماضي ضمن أعمال الجمعية العامة عينها، ما دامت النزعة الفوقية الأمبريالية حاضرة بمعناها ومبناها الاستعلائي؟

لا فائدة حكماً، إذ ستظل كل الأفكار اليوتوبية التي تُلقى من فوق منصة الجمعية العامة غير ذات جدوى، ما دامت النخبة الأميركية الحاكمة تؤمن بما قاله السفسطائي اليوناني الأشهر ثيراثيماخوس «للقوة، لا للحق، الغلبة» إلى حين إشعار أممي آخر.

حلم الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو بشأن بيت أممي كبير يجمع العالم، عبر حكم طهراني في طريق المساواة والعدالة، يحتاج إلى مؤسسة دولية مغايرة، وربما عدة مؤسسات أصغر أكثر فاعلية، حسب فرنسيس فوكاياما في مؤلفه «أميركا على مفترق الطرق».

وربما جاءت قمة شنغهاي الأخيرة لتُفيد بأن عالماً مغايراً قائماً وقادماً، يتطوّر بسرعة في الرحم، بحثاً عن مسؤولية أممية، وتجنباً للهيمنة الأحادية، أميركية أو غيرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين المستقلة ومستقبل الأمم المتحدة فلسطين المستقلة ومستقبل الأمم المتحدة



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt