توقيت القاهرة المحلي 01:59:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -
عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية
أخبار عاجلة

مسنون في حياتي

  مصر اليوم -

مسنون في حياتي

بقلم - الكاتب جميل مطر

كثيرون يخطئون إن ظنوا أن المسنين أقلية بسمات متشابهة وتصرفات نمطية ومطالب أو رغبات متقاربة وطموحات وتطلعات متدنية أو منعدمة، أو أنهم أقلية فى المجتمع بعقول متدهورة الصلاحية، وبقلوب خاشعة أو مستسلمة وصبر سريع النفاذ، أو أقلية بقدرات على تحمل الآلام والصدمات العاطفية ولكن ضعفت حتى تآكلت. عندى الأدلة على أنها فى غالب الأحوال أقلية حكيمة عند اتخاذ قرارات هامة، وأقلية تتحمل بمسئولية وصلابة مصير الخاضعين لها والسائرين فى ركابها بالعرف أو بالعقود والقوانين، تتحملها أيضا بالحب.

وهذا الأخير، وأقصد الحب عند هذه الأقلية، علمت وتعلمت أنه فى هذه السن يكون أنقى جوهرا وأطيب حسا وأصدق عاطفة من حب كل المراحل الأخرى من عمر الإنسان. بعض أدلتى على ما فات من سطور هى:

كنا فى زمن جدتى الحاجة جمال أحفادا معدودين وحفيدات عديدات. كنا نتسابق على حجرها كلما سمحت بذلك أو دعتنا إليه. أتذكر جيدا أننى كنت أرتاح إليه أكثر من ارتياحى بوجودى لساعات داخل صندوق المشربية الذى كانوا يحشروننا فى داخله تخلصا من شكاوينا وطلباتنا التى لا تنتهى. كبرنا بسرعة ومبكرا ولكنها بقيت دائما مرحبة بنا سواء فوق حجرها أو فى حضنها. نضجنا فراحت تغدق علينا بنصائح لا تصلح إلا لشباب جاهز للزواج. أتذكر دعاءها المتكرر «روح ربنا يرزقك بالزوجة الصالحة والذرية المطيعة». عشت أتذكره دائما فى وجودنا مجتمعين، زوجتى وسامر ونسرين وداليا، على مائدة الغداء وفى حفلات أعياد الميلاد والمناسبات العائلية الأخرى. 

أتذكر أننى عدت لزيارة جدتى بعد أسبوع من زواجى وكانت قد انتقلت من بيتها الكبير لتقيم مع إحدى حفيداتها فى شقة صغيرة نسبيا. وجدتها فى نفس وضعها على سريرها العريض وقد احتلت أكثر من ثلثيه. سمعتنى ونظرت نحونا بعينين متثاقلتين وقالت بصوت خافت «أنا شايفاها جنبك وقلبى حاسس إن ربنا استجاب لدعائى».

• • •

كتبت مرات عديدة عن لقائى الأول بالشاعر عمر أبو ريشة. كنت أحد مدعويه من الدبلوماسيين العرب على مائدة غداء. رحب بى الترحيب الذى يناسب وافدا جديدا على الجماعة الدبلوماسية العربية فى نيودلهى، وباعتبارى، وهو ما أطلقت عليه فيما بعد، «مدعو أو ضيف الضرورة»، وترجمتها الشخص اللازم وجوده ليكتمل العدد المقرر للمائدة. كثيرا أتذكر أبو ريشة شامخا وهو يردد قصائده فى النسر، هذا الطائر المختال بقوته وجماله وكبريائه وعشقه للقمم. أتذكره وهو مسن. أتذكره فى هذه السن شامخا كعهدى به فى منتصف عمره. خاف أن يسن قبل أوانه فينحنى ظهره وهو الظهر الذى لم ينحن مرة واحدة لملك أو أمير أو زعيم، ولا حتى للزمن. خاف أن يسن ذات يوم فلا يقوى على الصعود إلى مكانه عند القمة وتكون نهايته عند السفوح كنهاية الطيور العادية.

• • •

عملت مع «الجورنالجى» هيكل أو كنت قريبا منه خلال معظم سنوات منتصف عمره وبعض سنوات العمر المتقدم. مسن آخر فى حياتى لم ينحن لأحد ولا للزمن. كان حريصا ليبدو أمام الناس وبخاصة السياسيين فى صحة جيدة. اضطرته الظروف الصحية خلال الفترة الأخيرة من عمره أن يستعين بـ«مشاية». غالبا ما كان يتركها خارج غرفة الضيافة ليدخل للضيوف  صحيحا قويا لا يعتمد إلا على إرادة صلبة لم يجربها إلا من عمل معه ومن اقترب منه.

كنت شاهدا على هذه الإرادة ومجربا لها. جربتها عند تأسيس مجلة الكتب: وجهات نظر وتأسيس الشروق ولكنها كانت قبل ذلك فى قمة أدائها عند كل زيارة من زياراتنا المشتركة لعديد الرؤساء والملوك العرب. رأيته، وهو خارج أى منصب، يجادل ويصحح تاريخ دول وسير حياة زعماء ويتحدى تفاصيل المضيف بتفاصيل من ذاكرته ومما تلقنه من الكتب والأوراق وبخاصة الوثائق الرسمية، ورأيته مسنا لم يثرثر أمامى أو يخطئ فى تحديد موقع أو موعد. عاش، كعادته، وكلما التقينا يتحدى ذاكرتى ويمتحن ذاكرته فيسألنى عن تفاصيل الأثاث فى الغرفة التى استقبلنا فيها الرئيس صدام حسين أو غرفة الرئيس بورقيبة وتفاصيل ما دار من أحاديث لم ولن تنشر مع الملك الحسن وزعماء فى الخليج والعقيد القذافى.

• • •

عملت أيضا مع محمود رياض الأمين العام للجامعة العربية ثم تقابلنا كثيرا عندما قرر الإقدام، وهو مسن، على كتابة مذكراته. عرفت فيه البساطة والواقعية السياسية فى أحلى صورها. واشتغلت مع الأخضر إبراهيمى والوزير السابق نبيل فهمى فى إعداد تقرير عن إصلاح الميثاق والأمانة العامة للجامعة. لم يكن الأخضر ليروق لتيارات عربية معينة لا لسبب إلا أنه مباشر وعادل وشجاع. على كل حال أثبت بكفاءته فى عديد المواقع أنه يستحق اختيار كوفى عنان له ضمن مجموعته الصغيرة والمفضلة، جدير بالذكر أن كان فى عضويتها الاقتصادى المعروف والمسن جيفرى ساكس صاحب الرأى السديد فى قضيتى أوكرانيا وفلسطين وفى الخطر الذى تمثله إسرائيل الراهنة وفى مستقبل يأتى إلينا مترنحا.

• • •

مسن أنا ومسنون بطبيعة الحال كل أعضاء دفعتى فى وزارة الخارجية. أخرجت هذه الدفعة وزيرين للخارجية وسفراء متميزين وممتازين وخبراء فى الأمم المتحدة ومؤسساتها وفى إدارة منظمات العمل المدنى وبخاصة العاملة فى مجال الحقوق. نحن فى عرف النظام الاجتماعى فئة متقاعدة. ولكن فى حكم الواقع وبحكم التجارب والخبرات الكثيرة التى اكتسبها أعضاء هذه الدفعة من الدبلوماسيين، وقد عرفها دبلوماسى عتيق بدفعة تأميم القناة، رفض بعضهم الاستسلام لقواعد الشيخوخة وراحوا يجربون حظوظهم فى مهن جديدة. ما كانوا ليقدموا على هذا التصرف لو لم تعدهم الدبلوماسية لهذه المهن.

• • •

أكثر المسنين فى كل المهن، وبخاصة الدبلوماسية، ثروة مصرية جاهزة بالخبرة والوطنية والاستعداد ليغرف منها ويستعين صانع القرار فى ظرف لعله بين الأصعب والأدق فى تاريخ مصر الحديث.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسنون في حياتي مسنون في حياتي



GMT 14:44 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

تاج من قمامة

GMT 12:11 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

العراق والخطأ الذي كان صواباً!

GMT 11:57 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

أزمة فنزويلا وفتنة «الضربة المزدوجة»

GMT 10:09 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخلاقيات ومبادئ أم قُصر ديل؟

GMT 10:00 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

زيارة لواحة سيوة!

GMT 09:39 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

ذئب التربية والتعليم

GMT 08:47 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

عن التفكير

GMT 08:44 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صحفى كان بائعًا للصحف

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt