توقيت القاهرة المحلي 10:07:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هانيبال.. من حكايات ما بعد سقوط دولة

  مصر اليوم -

هانيبال من حكايات ما بعد سقوط دولة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

لم يكن الإفراج عن هانيبال نجل معمر القذافى فى لبنان مجرد خبر عابر، بل لحظة سياسية تكشف الكثير عن حالة الدول بعد السقوط، وعن الهشاشة السياسية حين تغيب الدولة التى تحفظ لهم معنى الاسم والهوية والحقوق. فقد تم الإعلان أن السلطات اللبنانية أفرجت عن هانيبال القذافى، نجل الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى، مع إلغاء الكفالة المالية التى كان يشترطها القضاء اللبنانى مقابل إطلاق سراحه. وجاء هذا الإعلان فى بيان رسمى أعربت فيه الحكومة الليبية عن تقديرها للرئيس اللبنانى جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برى، مؤكدة أن هذا التطور جاء بعد جهود دبلوماسية متواصلة ومسار قانونى وإنسانى مشترك بين الجانبين.

هانيبال، الذى احتُجز فى لبنان لمدة عشر سنوات دون محاكمة فعلية، كان محبوساً على خلفية قضية اختفاء الإمام موسى الصدر عام ١٩٧٨، وهى قضية شديدة التعقيد السياسى والتاريخى. وبرغم أن هانيبال كان فى عمر عامين فقط عند وقوع الحادثة، فإن السلطات اللبنانية رأت فيه مدخلاً أو رمزاً يمكن الضغط من خلاله للحصول على معلومات أو اعترافات تخص النظام الليبى السابق. هذا النوع من الاحتجاز كما وصفت منظمات حقوقية دولية خرج عن الإطار القضائى البحت إلى مساحة الحسابات السياسية، لا سيما وأن الملف نفسه ظل طوال عقود جزءاً من توتر العلاقات بين طرابلس وبيروت. فى أكتوبر الماضى، أصدر القضاء اللبنانى قراراً بإخلاء سبيله مقابل كفالة بلغت ١١ مليون دولار ومنعه من السفر، لكن الإفراج لم يتم حينها بسبب تعذر دفع المبلغ، وهو ما أعاد القضية إلى حالة الجمود إلى أن حدثت الانفراجة الأخيرة. هنا لا يمكن فصل الحدث عن سياق سقوط الدولة الليبية بعد ٢٠١١. فما حدث مع هانيبال ليس مجرد تتابع قانونى أو تعديل موقف قضائى، بل هو نتيجة مباشرة لانهيار بنية الدولة ككيان حامٍ. كان النظام الليبى قبل سقوطه يمتلك سلطة مركزية قادرة على فرض إرادتها، وحماية أفرادها، وإدارة الملفات الخارجية من موقع الدولة التى تتحكم بقرارها السيادى. بعد السقوط، لم تعد ليبيا دولة واحدة بل ساحات نفوذ متداخلة حكومات متوازية، قوات متعددة الولاءات، تدخلات خارجية متشابكة، ومصالح تتحرك فوق جغرافيا متصدعة.

فالدولة حين تنهار، لا يسقط النظام فقط؛ تسقط معه القدرة على التفاوض، القدرة على الحماية، القدرة على القول بأن هذا الشخص يمثلنى وأنا أمثله. يصبح المواطن فرداً مجرداً، يمكن أن يُحتجز فى دولة أخرى لعشر سنوات دون محاكمة، يمكن أن يُستدعى كشاهد على ماضٍ لم يعشه، ويمكن أن يُستخدم كوثيقة تفاوضية فى صفقات سياسية لا يملك من أمرها شيئاً.

كما أن الإفراج اليوم لا يمثل انتصاراً فى موازين القوة، بل استعادة متأخرة لأبسط أشكال العدالة الإنسانية، وهى ألا يُحاسب المرء على ما لم يشهده ولم يعرفه. وفى المقابل، يحمل الحدث فرصة لإعادة فتح العلاقات الليبية- اللبنانية على أسس جديدة، ومحاولة لإغلاق جرح ظل مفتوحاً لأكثر من عقود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هانيبال من حكايات ما بعد سقوط دولة هانيبال من حكايات ما بعد سقوط دولة



GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt