توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيوران حالة شعرية لا فلسفية

  مصر اليوم -

سيوران حالة شعرية لا فلسفية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

 لم يكن سيوران إلا شاعراً رأى بالفلسفة ممتطىً لبثّ أحزانه. مهمةٌ سهلة أن تتحدث عن البدء والنهاية، عن الحياة والموت، لكن الأخطر أن تؤسس لنظرية شاملة يمكنها منح البشرية المزيد من الوعي بوجودهم.

في كل كتبه ثمة عبارات نابية، واحتجاج غير ممنهج، وفوقيّة غير مبررة، وتجديف عادي يمكن لأي شاعر عاميّ أن يجاريه. الفيلسوف والكاتب الروماني «إميل سيوران»، ولد يوم 8 أبريل عام 1911 في قرية رازيناري الرومانية، وتوفي في 20 يونيو 1995.

لم يكن «سيوران» جاداً في تناوله الموضوع الفلسفي، ذلك أنه يعد الوجود كله مثيراً للسخرية والشفقة، فهو القائل: «إذا أمكن للإيمان أو السياسة أو الحيوانية النيل من اليأس، لا شيء ينال من الكآبة، لا يمكن أن تتوقف إلا مع آخر قطرة من دمنا».

وفي كتابه: «تاريخ ويوتوبيا» يكتب ضمن فصل: في صنفين من المجتمعات.. رسالة إلى صديق بعيد«أنا إذن متعلق بأرباع أفكار، وبأضغاث أحلام، وقد وقعت على الفكر خطأ، أو بسبب هستيريا لا علاقة لها ألبتة بالحرص على الدقة، أبدو لنفسي دخيلاً على المتمدنين، مثل ساكن كهوف شغوف بكل ما هو لاغ، منغمس في صلوات هدامة، فريسة هلع لا ينبثق عن رؤية للعالم، بقدر ما يعود إلى تشنج اللحم، وظلمات الدم، لقد بت في صمم تام عن نداءات الأنوار، وعن العدوى اللاتينية، حتى إنني أشعر بأسيا تتململ في شراييني».

رؤية سيوران الفلسفية تبث المأساوية في العالم بوصفها أصلاً، وأن أنشطة الناس اليومية ليست إلا هرباً من غلطة وجودهم، وأن الوجود بالنسبة إليه مثل عدم الوجود كله خلل. بل إن سيوران يعد نفسه «فيلسوف عواء»، ولا يعتني بالقارئ بوصفه شريكاً له في معنى النص، بل يبدد معانيه كالشرر، ويوزع بندقية قوله مرتجفاً مثل رامٍ مبتدئ، وإذا قرأناه وجدنا نصه الآتي: «الكتب الوحيدة التي تستحق أن تكتب، هي تلك التي يؤلفها أصحابها من دون أن يفكروا في القراء، ومن دون أن يفكروا بأي جدوى، وبأي مردود». يعد قوله وفلسفته هي عيشه، ولم يكن يحب تقليب الكلمات، بل أنى تهيأ الحرف أطلقه من دون ترتيب أو تشذيب، وهذا ما يلحظه القارئ أكثر في:«المياه كلها بلون الغرق»، ذلك أن الأسلوب كان محتشداً ضمن تكثيف العبارة، أكثر مما هو عليه في «تاريخ ويتوبيا».

لم يكن السطح العميق مغرياً لسيوران الذي يصب جام غضبه على مناهج هيغل وروسو، بل يعد الرديء الجيد، والتفاهة العامة هي الملاذ والملجأ، يكتب:«الشعوب التي لا تحتفل بالتفاهات والطيش، والأمور التقريبية، الشعوب التي لا تعيش مبالغتها الكلامية، هي كارثة بالنسبة إلى نفسها». الخلاصة؛ أن هذه النماذج هي فوّهات تعبير مشحونة بالذخيرة الوجودية، ولكنها في صميمها لم تستطع إضافة أي نظريّة فلسفية، أو محتوى عميق، وعليه فإنها تقترب من الشعر والخواطر والقصص أكثر من قربها من النظريّة الفلسفية العميقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيوران حالة شعرية لا فلسفية سيوران حالة شعرية لا فلسفية



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt