توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بريطانيا... «العمال» وتسليط الضوء على «الإصلاح»

  مصر اليوم -

بريطانيا «العمال» وتسليط الضوء على «الإصلاح»

بقلم: عادل درويش

مؤتمر حزب «العمال» الأخير الذي انتهي، الأربعاء، كان من مشاهد التيه السياسي، حيث بدا زعيمه، رئيس الوزراء كير ستارمر، كمَن فقد البوصلة التي يُفتَرض أن تقود حزبه في السنوات الأربع قبل انتخابات 2029. فبدلاً من أن يقدم، الثلاثاء، خطاباً قيادياً ملهماً، يضخ الحماسة في نشطاء الحزب ويسلحهم بسردية واضحة ومقنعة للناخبين في حوارهم على عتبة الدار (الدعاية الحزبية التقليدية)، اختار تكريس معظم خطابه للهجوم على حزب «الإصلاح» وزعيمه نايجل فاراج. وكأن ستارمر، في لحظة ارتباك، قرر أن يمنح خصمه دعاية مجانية على حساب رسالته هو، وعلى حساب ما تبقى من تماسك داخلي في حزبه.

لم يقع ستارمر وحده في هذا الخطأ، بل كان أسلوب وزرائه الذين خصصوا معظم كلماتهم للهجوم على فاراج، حتى بدا المؤتمر مهرجاناً مخصصاً لاغتيال معنوي لشخصية الرجل الذي لا ينتمي للحزب، بل ينافسه. هذا التركيز المفرط على فاراج لم يكن فقط خطأ استراتيجياً، بل كشف عن حالة من الذعر داخل قيادة الحزب الحاكم، خصوصاً في ظل استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت تقدماً مذهلاً لحزب «الإصلاح» على بقية الأحزاب دون استثناء، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن الحزب قد يحصد ما بين 311 و330 مقعداً برلمانياً، أي متفوقاً على «العمال» بما بين 100 و170 مقعداً. بل إن 54 في المائة من أعضاء حزب «العمال» في البلاد و34 في المائة من نوابه البرلمانيين باتوا يطالبون ستارمر بالتنحي في استطلاع رأي أجرته «ليبور-ليست» خزانة تفكير داعمة للحزب.

وفي محاولة يائسة لاستعادة زمام المبادرة، أعلن ستارمر وحكومته سياسات أكثر تشدداً تجاه الهجرة، منها تمديد الفترة التي لا يستطيع قبلها المقيمون الأجانب التقدم لطلب الجنسية البريطانية. هذه الخطوة، التي بدت اقتباساً مباشراً من أجندة حزب «الإصلاح»، لم تكن سوى محاولة لتقليد خصم سياسي بدلاً من منافسته بإقناع الناخب بسردية بديلة. فمثلاً حزب المحافظين (الذي تراجع للمركز الرابع في الاستطلاعات)، والذي يبدأ مؤتمره السنوي في مانشستر اليوم، بزعامة كيمي بيدنوك، يُقدِّم سياسات بديلة في مجالات كالطاقة بإعلان تجميد سياسة «الحياد الصفري البيئي للكربون»، وإعادة التنقيب عن الغاز والبترول في بحر الشمال، وتشغيل معامل تكرير البترول التي أغلقها «العمال»، مع سياسة استثناءات ضرائبية أفضل لجذب الاستثمارات.

لكن التقليد المكشوف لبرنامج حزب «الإصلاح» لا يقنع الناخبين، بل غالباً ما يدفعهم للتساؤل: لماذا نصوّت لستارمر الذي يغيّر سياساته كرد فعل؟ لماذا لا نختار «الماركة الأصلية» أي فاراج، بدلاً من نسخة باهتة تحاول اللحاق به؟

الناخب البريطاني، خصوصاً في هذه المرحلة، يبحث عن وضوح في الرؤية، وثبات في الموقف، وقيادة تعرف ما تريد، وتملك الشجاعة لتطرحه. أما أن يتحول خطاب رئيس الوزراء إلى سلسلة من الاتهامات، مثل وصف فاراج بأنه «عدو لا يحب بريطانيا»، أو تحميله مسؤولية أزمة الهجرة عبر القناة، بوصف القوارب بأنها «قوارب فاراج»، فذلك لا يعكس إلا ضعفاً في الحجة، وإخفاقاً في طرح البديل.

حتى داخل حزب «العمال»، تتعالى الأصوات محذّرة من هذا النهج. ديان أبوت، النائبة الشهيرة المخضرمة، رغم تعليق عضويتها الحزبية (لرفضها التصويت مع الحزب الحاكم في أكثر من مناسبة)، نبَّهت إلى خطورة منح فاراج كلَّ هذا الحيز من الاهتمام، قائلة لـ«بي بي سي» إن حزبه (الإصلاح) ليس لديه سوى خمسة نواب مقابل 403 نواب عماليِّين، وإن التركيز عليه بهذا الشكل قد يجعله يبدو في عين الناخب أكبر مما هو عليه.

في النهاية، لم يكن مؤتمر حزب «العمال» مناسبة لإعادة إطلاق مشروع سياسي، بل كان مناسبة لتأكيد أزمة القيادة. ستارمر، الذي وصل إلى رئاسة الوزراء وسط آمال كبيرة، يبدو اليوم وكأنه يلهث خلف خصم لا يملك سوى الخطابة، بينما هو يتزعم الحكومة. وإذا استمر في هذا النهج، فإن السؤال لن يكون عن عدد المقاعد التي سيخسرها، بل إلى متى سيبقى في موقعه؟ الإجابة في مايو (أيار) المقبل؛ موعد الانتخابات في مجالس البلديات، وعُمد لندن، والمدن الكبرى في بلدان بريطانيا الثلاث (إنجلترا، واسكوتلندا، وويلز)، بجانب انتخابات هوليروود (البرلمان الاسكوتلندي) وانتخابات السينيد (برلمان ويلز)، والمتوقع - من استطلاعات الرأي - تقدم حزب الإصلاح، والحزب القومي الاسكوتلندي على حساب الحزبَين الكبيرين، مع خسائر فادحة للعمال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا «العمال» وتسليط الضوء على «الإصلاح» بريطانيا «العمال» وتسليط الضوء على «الإصلاح»



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt