توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة!

  مصر اليوم -

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة

بقلم - محمد الرميحي

الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني له عدد من المقابلات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، لفتني مؤخراً حديثه عن ذكرياته مع النظام السياسي المصري بعد 2011 أي عندما تولى الأخوان المسلمون الحكم في مصر ، وترؤس المرحوم محمد مرسي للجمهورية.

يذكر الرجل، وكان وقتها في داخل الحجرة السياسية العربية، أن وفداً أميركياً أراد أن يستطلع رأي النظام الجديد في عدد من القضايا، فعقد اجتماعاً بين وفد أميركي ووفد مصري في الدوحة، وبحضور الشيخ حمد. في تلك المقابلة تذكر حمد بن جاسم أنه كان متألماً من مستوى التمثيل للوفد المصري في ذلك اللقاء!

هذه النقطة بالذات هي علة ومرض السياسة العربية منذ زمن طويل، وكثير منها مستمر ،أي أن يقوم النظام بالاستعانة بما يسميهم "أهل الموالاة" بدلاً من أهل الكفاءة، فيخسر .

في التجربة الناصرية لنا مثالان متميزان في حال استخدام الكفاءة وحال استخدام المولاة؛ فقد قام الضباط المصريون بعد 1952 بالاستعانة في الشؤون الخارجية برجل له خبرة طويلة وغير عسكري، هو الدكتور محمود فوزي، الذي كان ممارساً للعمل الخارجي قبل ثورة 52. استعان به عبد الناصر بدلاً من أي ضابط، ولفترة طويلة بين عامين 1952 حتى 1964. بعدها عين نائباً لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية لحاجة عبد الناصر إلى مشورته، أي أنه خدم لمدة 12 عاماً، بعد بداية الثورة المصرية، وقد بنى محمود فوزي الواجهة الديبلوماسية لمصر في سنوات التحول الكبرى، بعد الإطاحة بالملك فاروق، وكان نشطاً في اعتراف النظام الدولي بمصر مستقلة. دخل معركة الجلاء، ومعركة قناة السويس، وكان صوت مصر في معركة تأميم القناة في عام 1956، كما ساهم في تأسيس دور مصر القيادي في العالم العربي، مع انخراطها في القضايا الفلسطينية والجزائرية واليمنية، وأيضاً أفريقياً، ثم شارك بفاعلية في مؤتمر باندونغ 1955 وأيضاً مؤتمر بلغراد 1961. عرف بمهنيته، ودقته الديبلوماسية، واعتمد عليه عبد الناصر كي يوازن بين خطابه الثوري، وبين الخطاب الديبلوماسي الرشيد أمام العالم. وقد استطاع الرجل تعويم السياسات المصرية رغم صعوبتها في ذلك الوقت دولياً، وبقي في منصبه لفترة طويلة.

المثال السلبي ما فعلته القيادة المصرية في الجانب العسكري حيث ولت ما يعرف بـ"رجال الموالاة" الشؤون العسكرية، وكانت نتيجة ذلك طامة كبرى، يشرحها لنا أحد الكتاب المتخصصين في كتاب المحلل العسكري الأميركي كينيث بولاك، وصدر في عام 2019 بعنوان "جيوش الرمال" بأن المشكلة التي واجهت الجيوش العربية في عام 67 هي أن الضباط، أو معظمهم حصلوا على رتبهم العسكرية بسبب الموالاة، وليس بسبب الكفاءة، أو القدرة على اتخاذ القرار، فلم تكن المبادرة والاستجابة للتغيرات في المعركة إلا محدودة جداً لدى الجيوش العربية، ونقص ثقة الضباط بقياداتهم العليا، عاملاً أساسياً في الهزيمة، و التدخل السياسي في ترقية ونقل غير الاكفاء، والتخلص من المشكوك بولائهم، في تنظيم وتدريب الجيش، والولاءات المختلفة في داخل الجيش نفسه للقيادات مختلفة ،أضعف الانضباط والتجانس في التدريب وفي التنفيذ.

يرى الكاتب أنه مع امتلاك الجيوش العربية وقتها لعتاد متطور من ناحية السلاح والمواد، كان هناك ضعف في التنسيق بين القوات البرية والبحرية، بناء على الالتزام المفرط بقواعد اشتباك غير مرنة وسرعة الحركة لدى إسرائيل، وقوة الاستخبارات، وبناء جيش مهني، هو الذي جعلها تتفوق في في حرب 67، والتي لا زالت تأثيراتها السلبية قائمة حتى اليوم.

في بناء الدولة السعودية الحديثة استخدم المرحوم الملك عبد العزيز ومن بعده الملك فيصل عدداً من الكفاءات العربية، لم تكن مهمة خلفيتها المذهبية، فؤاد حمزة، حافظ وهبة، عبد الله الدملوجي، يوسف ياسين، خير الدين الزركلي، وعدد من الكفاءات الأخرى، حيث تحتاج الدولة إلى كفاءات. الروحانية السياسية (أي استخدام الدين والمذهب في السياسة) والقبلية السياسية، أو الزبائنية، وأمثالها تورث ضعف الأداء للدولة.

اليوم في إيران معظم المناصب في الإدارة العليا هي "زبائنية" الولاء قبل الكفاءة والقرابة قبل الإنجاز، ما سبب الوهن للدولة، بالضبط كما كان الاتحاد السوفياتي في سنواته الأخيرة؛ المسؤول الموالي يحمي نفسه بالزعيم، فيستغل السلطة بلا خوف من المساءلة، وينتج ضعف الثقة الشعبية في الإدارة. في آخر أيام السلطة العثمانية، كان تعيين الولاة بالرشوة، أما في الأزمات فإن النتائج كارثية، كما وصفها حمد بن جاسم مع الوفد المصري (الموالي)، أما تعيين القيادة العسكرية بناء على قربها من القيادة السياسية فهو وصفة للهزيمة.

لقد سقط نظام بن علي ومحمد مرسي ومبارك والقذافي وصدام حسين، وقبلهم شاه إيران وأخيراً بشار الأسد، لأنهم جميعاً احتضنوا الولاء لهم، وأبعدوا الكفاءة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt