توقيت القاهرة المحلي 04:47:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل... بعد قرارات «الكابينت»

  مصر اليوم -

إسرائيل بعد قرارات «الكابينت»

بقلم: نبيل عمرو

لم تُحصِ إسرائيل بدقة خسائرها في حربها ذات الأسماء المتعددة: «السيوف الحديدية»، أو «حرب الجبهات السبع»، أو «حرب ترويض الشرق الأوسط»، أو «حرب تصفية القضية الفلسطينية»... مع أسماء كثيرة كان يؤلفها بنيامين نتنياهو وفق الحاجة.

إسرائيل الرسمية ترفض تشكيل لجنة تحقيقٍ فيما حدث يوم «السابع من أكتوبر (تشرين الأول)» 2023، حيث التقصير الفادح، وما تلاه من حربٍ لم يحدث أن خاضت إسرائيل مثلها منذ تأسيسها، من حيث طول أمدها وانعدام إمكانات حسمها وفق الأهداف المعلنة لها.

الامتناع عن إحصاء الخسائر بعد 22 شهراً من الحرب، والامتناع عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لا ينطويان على حكمةٍ يصدّقها الرأي العام في إسرائيل، بقدر ما هما هروبٌ من الحقائق، التي تضع المجتمع الإسرائيلي أمام فداحة ما حدث؛ مما يؤدي إلى اعتماد خياراتٍ عدة أقلها إطاحة طبقةٍ سياسيةٍ تتحمل مسؤولية الخسارات الفادحة، وضعف الإنجازات السياسية التي لا تتناسب مع ما دُفع في الحرب.

في الشهر الـ22 وجدت إسرائيل نفسها كما لو أنها في الشهر الأول من الحرب، مع فارقٍ كارثي، ففي الشهر الأول كان هنالك إجماع شعبي يقف وراء الحكومة والجيش، أمّا في الشهر الـ22 فقد تبدد الإجماع الشعبي، ليحل محله انقسام عميق وواسع لم يتوقف عند حدود الاجتهادات السياسية والحزبية والاختلاف على الخيارات، وهذا كان يحدث دائماً في الحياة الإسرائيلية العامة، إلا إنه تطور ليصل في تأثيره إلى زعزعة أساسات الدولة ومؤسساتها السيادية وأيقونتها التاريخية «الجيش».

هنالك تعبيران صدرا عن رجلين ذَوَيْ مكانةٍ مهمة في الحياة الإسرائيلية: إيهود باراك، رئيس الحكومة السابق والقائد العسكري البارز، فقد ذهب إلى حد الدعوة الصريحة إلى عصيانٍ مدنيٍ شامل، من شأنه شلّ مرافق الحياة في إسرائيل، بوصف ذلك وسيلة ضغط حاسمة على الائتلاف الحاكم؛ لإرغامه على الذهاب إلى انتخابات مبكرة، تُجمع التقديرات واستطلاعات الرأي على أن نتائجها لن تكون في مصلحته.

والرجل الآخر زعيم المعارضة يائير لبيد، الذي كان في فترة سابقة رئيس حكومة، فقد وصف حالة إسرائيل بأنَّها تعيش كارثةً شاملة، فهي تحارب على جبهات عدة، بينما الشعب، ولأول مرة، منقسمٌ بشأن هذه الحرب، ويترافق ذلك مع انزياح الشارع عن الائتلاف الحاكم، بحيث تكرّست ظاهرةٌ قلّما حدث مثلها في إسرائيل، هي أقلية الائتلاف الحاكم في الشارع، وأغلبية المعارضة فيه. وبحكم النظام والقانون، فالأقلية في أخطر الأوقات هي التي تتخذ القرارات الأساسية.

هذه الحالة التي وصلت إليها إسرائيل؛ الدولة والمجتمع والنظام، غير قادرةٍ على الخروج منها، وتأمين حدٍ أدنى من الاستقرار السياسي.

لننظر إلى 3 أيامٍ تصلح لأن تعطي مؤشراً دقيقاً على الوضع العام في إسرائيل، وأزمات الخيارات والقرارات:

اليوم الذي سبق اجتماع «الكابينت» الأخير شهد عاصفة تهديداتٍ وتوعدات باحتلال كامل غزة، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل تُبحث قرارات عسكرية ذات طابع استراتيجي على الهواء مباشرةً، حتى خُيّل للعالم أن احتلال غزة واستيطانها وحكمها الأبدي من جانب إسرائيل بات حقيقةً واقعة، فقد انتعش الحديث عن الاستيطان والضم، وتهجير الفلسطينيين؛ إمّا إلى الداخل حيث جرى الحديث عن مدنٍ إنسانيةٍ بتكلفة عشرات المليارات، وإما إلى الخارج حيث يجري البحث عن دولٍ تستقبل أفواج المهجّرين.

أمّا في اليوم الذي صدرت فيه القرارات ولم تكن بحجم التوقعات التي سبقت، فقد ظهرت بوضوحٍ شديدٍ أزمةُ القرار في إسرائيل، وأثرُ الاختلافات والانقسامات، وأشدها خطورةً تلك التي حدثت بين المستويين السياسي والعسكري؛ إذ انعكس الاختلاف على صيغة ومحتوى القرارات التي اتَّسمت لغوياً بالحسم، بينما تنفيذها اتَّسم بمرونةٍ ولعبٍ على عامل الوقت، مثلما يفضل الجيش.

وفي اليوم الذي تلا القرارات والذي نحن فيه الآن، عاد الحديث مجدداً عن صفقة يجري إعدادها من قبل الوسطاء، وظهرت مؤشراتٌ على أن إسرائيل الرسمية مستعدةٌ للنظر فيها، مع احتمال قبولها مخرجاً من الحالة التي انزلقت إليها.

إسرائيل، وهذه عادتها، تمارس سياسة الضغط العسكري لإحراز مكاسب سياسية، وتمارس الضغط على «حماس» لقبول صفقة تبادلٍ لا تُنهي الحرب، ولكنها تريح إسرائيل ولو بصورةٍ مؤقتة.

إن ما يجري الآن داخل إسرائيل وعلى المستوى الدولي يُظهر بصورةٍ جلية أنها تضغط على نفسها أكثر مما تضغط على خصومها، وحتى مناورتها؛ فتكلفتها عالية ولا تقل عن تكلفة الحرب الفعلية، وهذا ما تقر به وتحذر منه مستويات عدة في إسرائيل وربما تكون الأغلبية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل بعد قرارات «الكابينت» إسرائيل بعد قرارات «الكابينت»



GMT 15:29 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

المشهد من موسكو

GMT 15:28 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

طارق السويدان وزمان «الإخوان»

GMT 15:19 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

لبنان دولة للضيوف لا لأهلها

GMT 15:17 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

الفلسطينيون... مأزق السلاح والسياسة

GMT 15:15 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أم كلثوم و«الست» منى زكي!

GMT 15:12 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«أم كلثوم» فى «البحر الأحمر»!!

GMT 15:08 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

هذا ليس من شأنك

GMT 15:06 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

جائزة الفيفا فى النفاق

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية تستهدف مواقع في جنوبي لبنان
  مصر اليوم - غارات إسرائيلية تستهدف مواقع في جنوبي لبنان

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 10:53 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:04 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 10:50 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 11:18 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 02:42 2025 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لأجمل بدلات للرجل الأنيق في خزانته

GMT 08:28 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 01:23 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

فيرستابن يحسم سباق كندا ويعزز صدارته للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt