توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا نكرهُ مَن يحبُّ؟!

  مصر اليوم -

لماذا نكرهُ مَن يحبُّ

بقلم: فاطمة ناعوت

هناك نوعٌ من الناس لا يحتمل رؤية الحبِّ يتنقّلُ فى أرجاء الدنيا مثل عصفور حُرٍّ، يغردُ فى زوايا الكلام، ويشرقُ فى ابتسامات الوجوه، ويُربّتُ على الأرواح بجناحيه، فترقصُ القلوبُ فرحةً بالحياة، مُسبِّحةً بحمد خالق الحياة. هؤلاء لا يحتملون فكرة أن يُحبَّ الإنسانُ «جميعَ» البشرَ، بل جميعَ خلق الله؛ لأنهم أسرى كهوف القبلية، متشرنقون على ذواتهم، متقوقعون داخل ذواتهم. فمَن يحبُّنى، لابد أن يكره مَن يختلفُ عنّى، فإن أحبَّه، فهو قطعًا يكرهنى وهو عدوٌّ لى مبين! هكذا منطقهم!.

قبل أيام، علّق على مقالى أحدُ روّاد صفحتى واسمه: أ. «مصطفى السيد» قائلا: «مع إنك بتتكلمى كتير عن الحب والعدل واحترام الآخر، للأسف بصادف ناس بيكرهوكى.. مش عارف ليه!».

وكان ردى عليه: «فيه ناس يا أ. مصطفى مش عاوزينك تحب كل الناس. فاهمين إنك عشان تحبهم، لازم تعلن إنك تكره غيرهم المختلف عنهم. مفهومهم عن الحب مشوّه». نعم، البعض يرى الحبَّ طيفًا محدودَ الزوايا، ضيّقَ المخروط، لا يتسع إلّا لـ: «واحد ضدّ الآخر»، لا لحبٍّ شاسع فيّاض يتوزّع بعدالة على الجميع، كما تفعلُ الشمسُ مع الكائنات، وكما أحبّنا اللهُ جميعًا فأرسل إلينا نعماءه من شموس وأقمار وأنهار وعيون تبصر وقلوب تخفق وعقول تُبدع، وأرواح تحيا. أولئك المأزومون يظنون أن الحب موقف سياسى، أو بيان عدائى. يريدونك أن تحبهم بشرط أن تكره سواهم. وإن لم تفعل، فأنت «مُريب»، «منافق»، «بلا ولاء»! وأقول لهم: بل نحبُّ لأننا نسمو. نحبُّ لأن الحبَّ مقاومةٌ للفناء والعدمية والظلام. وسوف نظلُّ نحبُّ حتى لو كرهنا مَن لم يفهم أن الحب لا ينتقص، بل يُضيف.

ولم أكتفِ بإجابتى وعقدتُ على صفحتى جلسة «عصف ذهنى»، كما أفعلُ أحيانًا مع القضايا الإشكالية والوجودية التى لا تضىء إلا بمشاعل العقول. وضعتُ تعليق أ. مصطفى سكرين شوت، وفتحتُ باب التأمل، فجاءتنى مئات الإجابات المضيئة بالفكر الرصين والفلسفة العميقة، أقتطفُ لكم بعضها مع أسماء كاتبيها.

- د. فاتن محمود: «كراهيةُ انتشار الحب، سببها أنه ضدُّ مصالح من يريد انتشار الكراهية.. فالمحبة اتحادٌ وتكامل، وذاك ضد مصالح الكثيرين».

- نسمة محمد الروبى: «ممكن حد يكره حد لأنه مش قادر يحب زيه، ولا قادر يشوف جمال ربنا فى كل مخلوقاته».

- لويس مجدى: «فيه ناس فاكرة إنك لازم تحبها وتهاجم خصومها عشان تثبت حبك.. عقليات مشوهة».

- هانى أبو سميح: «صديق قال لى مرة: أنا أتعبد إلى الله بكرهك! ومع ذلك لا أحمل له إلا الحب».

- مينا السبع: «بعض الناس مرضى بالكراهية، يريدون الجميع مثلهم حتى لا يبدو أحد أفضل منهم».

- مينا شكرى: «الكاره يعانى من نقص محبة منذ الطفولة، فيرى حب الآخرين تهديدًا ينبغى مقاومته».

- إيناس فهد: «لا نكره من ينادى بالحب إلا إذا كانت نفوسنا ضعيفة والحب فيها مختزل».

- جمال نصر عبدالنور: «فاهمين المحبة غلط: يظنوها خضوعًا أو تنازلًا عن الكرامة».

- شرف موسى سعودى: «فاقد الشىء لا يعطيه. لا مكان للحب فى قلوبهم».

- مارسيا جمال: «اللى ميحبش لا يعرف الله، لأن الله محبة».

- موريس غالى: «الناس تمشى بمبدأ: حبيب عدوى عدوى».

- إنجى أنور: «الحب الحقيقى هو أن أحب حتى من يسىء إلىّ، وإلا فماذا صنعت؟».

- إيناس سعد إسحق: «منذ بدء الخليقة يكره الإنسان الاختلاف. وكأن الاختلاف جريمة».

ولولا ضيق المساحة لوضعتُ المزيد من إشراقات القراء.

ولكن هل حقًّا نكره من يُحب؟ أم نكره من يُذكّرنا بما فقدناه؟ تذكّرتُ الآن كتاب One-Dimensional Man «الإنسان ذو البُعد الواحد»، للألمانى «هربرت ماركيوز» حين وصف الضمورَ الإنسانى الذى يُفقدُ الإنسانَ تعددية التفكير ويحصر وعيه فى إطار ضيق ذى بعد واحد. هذا الضامرُ لا يرى الواقعَ كما هو شاسعًا رحبًا، بل ضيقًا كما قزّمته مرايا مَن استلبوا عقله. غير قادر على التفكير خارج الإطار، وبالتالى يرى فى حب الجميع خللاً فى النظام، وتهديدًا للوجود. هذا النمط الشائه من البشر مطيعون مُطبّعون مبرمجون على استهلاك الأفكار كما تُستهلك السلع. لا يرون الحبَّ شعورًا دافئًا، بل تشويشًا على موجات النظام، وخطأ مطبعيًّا فى كتاب الطاعة، وبالتالى لابد من كراهية مَن ينادون به.

حين نكره من يُحب، فذلك لأن فى داخلنا جزءًا مازال يئنُّ من عجز قديم، أو خوف دفين، أو سوطٍ لم تُشفَ جروحه. أما القادر على الحبّ، وسط ضجيج الكراهية والفرز والانغلاق، فكأنّما يقول للعالم: «أنا أقاوم بحب جميع الطيبين فى هذا العالم». دعونا نعيد اكتشافَ الحبّ، لا كترف، بل كنجاة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نكرهُ مَن يحبُّ لماذا نكرهُ مَن يحبُّ



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt