توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

  مصر اليوم -

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

بقلم: جبريل العبيدي

هل سيبقى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضرباً من الخيال، أم سيتحول إلى واقع بعد صدور مذكرة «طلب امتثال» أمام محكمة الجنايات الدولية بحقه هو وتابعه السابق وزير دفاع جيش حرب إسرائيل يوآف غالانت، وكل منهما متهم بجرائم انتهاك للقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب وإبادة في غزة؟

نتنياهو استخدم التجويع سلاحاً في الحرب، فجاء قرار المحكمة ليتهمه بجرائم ضد الإنسانية، متمثلة في القتل، والاضطهاد، مع تقييد ومنع وصول الإمدادات الطبية والأدوية للمدنيين.

يقول بيان المحكمة: «وجدت الدائرة أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية» عن توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين، وإن الشخصين كليهما «حرما السكان المدنيين في غزة عمداً وعن علم من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، وكذلك الوقود والكهرباء، وذلك من 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، على الأقل إلى 20 مايو (أيار) 2024».

بعد قرار المحكمة ليس من المستغرب فقط صدور المذكرة والإشارات الحمراء، بل الأغرب أيضاً تصريحات الدول التي تعدّ دائماً الداعم لقادة إسرائيل، ومنها دول أوروبية عدة، برغم أن فرنسا تحدثت عن حصانة يتمتع بها نتنياهو. في المقابل، تركت بريطانيا الباب موارباً، لكنها تعهدت بالتزام قرار المحكمة واعتقال نتنياهو وغالانت في حال دخول أراضيها أو المرور بها. والغريب كذلك أن القرار صدر من محكمة لطالما اتُّهمت بالانحياز لقضايا دون أخرى، بل وصفها البعض بأنها «محكمة العالم الثالث».

لعل مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت تعدّ خطوة أولى نحو تحقيق العدالة للضحايا ولو شكلياً، فصدور المذكرة في حد ذاته نقلة نوعية في مجال ملاحقة مجرمي الحرب وصانعي الحروب وإبادة الشعوب، وقد حركت المياه الراكدة في ملف إدانة قادة إسرائيل، بل وجعلتهم في شبه عزلة دولية.

نتنياهو مسرف في القتل والدمار بين غزة ولبنان من دون رادع حقيقي لما يفعل في الحرب وإطالة عمرها، ليتمكن من الفرار من ملاحقات بقضايا فساد في إسرائيل، ولكن اليوم أصبح الأمر أكثر شدة عليه؛ لأنه ملاحق محلياً ودولياً، مما قد ينعكس على حالة الهياج والسعار المصاب بها من الحرب والقتل والدمار والاختباء خلف أشلاء القتلى ودماء الأبرياء وركام دمار البيوت في غزة ولبنان.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه لن يعترف بقرار المحكمة الجنائية الدولية، وأنه يدرس خيارات الرد عليها، حيث قال في مؤتمر صحافي: «اليوم هو يوم أسود في تاريخ الشعوب»، متناسياً أن الشعوب فرحة بالقرار ولا تراه يوماً أسود. فنتنياهو المنفصل عن الواقع يرى في القرار «إفلاساً أخلاقياً ويمس بالدول الديمقراطية»، بينما الواقع يثبت العكس، وأن الإفلاس الأخلاقي منبعه سياسته التي أصبحت أداة إبادة حتى للرهائن في مخبئهم، حيث قتل عشرات الرهائن الإسرائيليين بسبب تسويفه ومكابرته بقراره استمرار حرب الإبادة والتجويع والدمار.

عنجهية نتنياهو ما كان لها أن تستمر وتتمادى لولا «صك الغفران» الممنوح له من الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن الذي وصف قرار «المحكمة» بـ«الشائن»، مما يعكس استمرار بايدن وإدارته في دعم جرائم نتنياهو، وكذلك يعدّه مكتب نتنياهو قراراً «معادياً» للسامية؛ التهمة الجاهزة لكل من لا يوافق على حرب الإبادة التي يخوضها جيش نتنياهو مدججاً بأحدث الأسلحة والقنابل ضد شعب لا يمتلك ما يسد جوعه.

بعيداً عن رفض نتنياهو وأنصاره قرار «المحكمة»، فإن صحيفة «هآرتس» نقلت عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين تخوفاً وقلقاً من أنه سابقة قد تؤدي إلى إصدار مذكرات اعتقال ضد شخصيات عسكرية أخرى رفيعة المستوى شاركت في الحرب. ولعل هذا التخوف حالة صحية قد تدفع بكثير من جنرالات نتنياهو إلى التخلي عنه، وإلا أصبحوا معه في زنزانة واحدة؛ حتى ولو في الحلم أو الخيال. ولكن مجرد صدور القرار، وعزم دول كبرى بحجم بريطانيا وإيطاليا وفرنسا تنفيذه، سيكون لهما أثر مهم في كبح جماح كثير من جنرالات حرب نتنياهو وعطشهم لدماء الفلسطينيين، بعد أن كانوا في مأمن من العقاب، الأمر الذي أصبح غير متوفر لهم مستقبلاً بعد سابقة إصدار مذكرات اعتقال لأول مرة في حق قادة إسرائيليين بحجم نتنياهو.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt