توقيت القاهرة المحلي 08:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى بلاد العم سام أميركا…

  مصر اليوم -

إلى بلاد العم سام أميركا…

بقلم - أسامة الرنتيسي

توطئة..أستميحكم عذرا بإعادة نشر هذا المقال الذي كتبته في 19 يوليو 2021 في زيارتي الأولى إلى الولايات المتحدة الاميركية ومن دون أي أسباب….  

 

الأول نيوز – أغادر العاصمة عمّان فجرا، وقلبي متعلق بكل ما هو جميل فيها، فأضع صورة على صفحتي من داخل مطار الملكة علياء مودعا الأهل والأحباب، على أمل اللقاء قريبا، فتتحرك آهات كثيرة، بعضها ممازحا عن هجرة جديدة (هجرة أم استكشاف)، وبعضها متألما “تاركْنا هون في الوطن مقهورين”.

تتألم أكثر حينما تصل مطار استطنبول فتراه خلية نحل في كل الاتجاهات، يمنحون فيه ساعة نت مجانية لكل المسافرين، وأنت الذي غادرت مطارنا الحزين لا طابور فيه سوى رحلتك الميمونة.

تمضي ساعات في ردهات مطار السلطان العثماني منتظرا رحلتك الطويلة، فتشاهد الجميلات غزالات وزرافات، فلا تَعُدْ تَعُدّ الدقائق والساعات بعد أن يخطفك الجمال من كل الجهات.

تسير مسافة طويلة للوصول إلى بوابة الطائرة المتجهة بك لأول مرة إلى بلاد العم سام أميركا*، فتخضع كغيرك إلى تفتيش دقيق آلي ويدوي، وتسير الإجراءات بسلاسة تشعرك برحلة ميسرة.

تصعد إلى الطائرة التركية الضخمة التي سوف تمتطيها 13 ساعة متواصلة، للوصول إلى هيوستن **، فلا تسمع في طائرة السلطان العثماني دعاء السفر “… سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ….”.

تجلس على مقعدك في الطائرة التي لا يوجد فيها مقعد فارغ، محاصرا بعائلتين، أمامك عائلة مصرية طبيب وزوجته الطبيبة ومعهما طفلان، أحدهما أصغر من آدم النعيمات (حفيدي ابن العامين ونصف العام )، وإلى جوارك شاب أنيق ومعه ابنه وخلفنا باقي أفراد عائلته زوجته وطفلان صغيران، فيدخل الضجيج والصراخ المتوقع قلبك منذ اللحظة الأولى.

سلامات وابتسامات يوزعها الركاب فورا على بعضهم بعضا في محاولة للتعرف، والأعين تراقب حركة المضيفات الجميلات السريعات  الأنيقات فتطمئن أن الرحلة في أيدٍ أمينة.

لحظات وتتعرف إلى جارك (مهندس إلكتروني) يجيد الإنجليزية بطلاقة شكسبيرية، والعربية مُكسّرة بتفخيم الخاء.

دقائق وتصدمك اللحظة، عندما تسمع الحوار بالعبري بين الرجل وزوجته، فتتغير ملامحك، ونظرات عينيك، وتصيبك الدهشة وأنت تستمع لأول مرة في حياتك للعبرية مباشرة.

التقطَ هذا اليهودي تَغيّر  ملامح  وجهي فورا، فعاجلني بالقول أنا يهودي علماني ولا علاقة لي بإسرائيل بأي شكل، محاولا تهدئتي بعد أن علم أنني صحافي أردني من أصول فلسطينية.

لم أستطع أن أعود إلى طبيعتي معه في الحديث، وتركته أكثر من مرة محاولا الغرق في نوم يريحني من وغثاء السفر.

عند تناول وجبة الغذاء، راقبت هل سيأكل من  الطعام ذاته ونحن في يوم سبت، ففعل أكثر من ذلك، بأن قام بوضع جزء من وجبتي في صحنه ووضع جزء من وجبته في صحني مع ابتسامة رقيقة، علمت بعدها أنه يعرف حكاية المشاركة في الأكل “لازم إتمالحونا على رأي الفحيصية….”.

بعد ساعات من السفر الطويل، وبسبب التكييف وبرودة الجو في الطائرة بدأ أحد أطفاله بالسعال الجاف المؤلم، كنت في حالة نصف إغفاءة، فسرح ذهني بعيدا، هل أتعاطف مع سعلة هذا الطفل أم أتجاهلها مثلما تتجاهل إسرائيل ودولتها العبرية حقوق وأطفال شعبي.

لم أقاوم مناداة الحس الإنساني جواتي، بدأت أتفاعل معهم حتى يرتاحوا ويرتاح هذا الطفل من خشونة السعلة، التي ساعد في تخفيفها الطبيب المصري بملعقة صغيرة من دواء كان محتاطا عليه لأبنائه.

هبطت الطائرة في مطار هيوستن، في لحظات الغروب، بعد أن تستمتع بمشاهدة مدينة خضراء في غاية التنظيم والدقة والنظافة، فتصل إلى حاجز الأمن لتسلم جواز سفرك إلى الضابط الأسمر، فيطلب منك رفع الكمامة للتصوير، والتبصيم، وبعد ذلك يوجه سؤاله الوحيد، من أين أنت قادم، فتقول له من الأردن، فيبتسم ويعيدها بعدك بكل حميمية آه Jordan …. welcome.

تخرج من المطار فيحضنك عمر وروان، لحظتها تنسى كل ما علق فيك من تعب السفر، وتنسى أنك لم تنم من ليلة الأمس.

الدايم الله….

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى بلاد العم سام أميركا… إلى بلاد العم سام أميركا…



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 15:46 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

انخفاض جماعي في أسعار المعادن والفضة تهوي لأقل من 80 دولارًا
  مصر اليوم - انخفاض جماعي في أسعار المعادن والفضة تهوي لأقل من 80 دولارًا

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1

GMT 03:43 2021 السبت ,01 أيار / مايو

تامر حسني يطرح بوستر فيلم ”مش أنا”

GMT 03:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع يغادر إلى البرتغال لدعم علاقات التعاون العسكري

GMT 09:04 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt