توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان و"الرأسمالية المتوضئة" (1)

  مصر اليوم -

الإخوان والرأسمالية المتوضئة 1

عمار علي حسن
فارق كبير بين النص الإسلامى والممارسة الحياتية، بين الإسلام والمسلمين، وبالتبعية بين ما تخطه جماعة الإخوان على الورق من تعاليم ووصايا وأفكار وتصورات وبين السلوك العملى الذى يتماهى مع التقاليد السائدة تارة، والبحث عن المنفعة أو المصلحة طوراً، علاوة على الظروف الحياتية التى تضغط على أعصاب قيادات «الجماعة» وتجعلهم يذهبون فى أحيان كثيرة صوب دروب بعيدة عما يحملونه فى رؤوسهم من تصور عن «مجتمع مثالى» يقوم على العقيدة الصافية والأخلاق الحميدة، وينزع إلى إقامة المشروع الذى بشَّر به مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، والذى يخرج عنه الإخوان حالياً بشكل فاضح وواضح. هذا الفصام انعكس على الرؤية الاقتصادية للجماعة بعدما أوصلت أحد قادتها إلى سُدة الرئاسة فى مصر، وكذلك على العلاقات البينية أو البنية الداخلية للإخوان، التى تعانى من تفاوت طبقى، تذكيه حالة التريف التى تعززت فى العقود الأخيرة وغيرت إلى حد ما من تركيبة جماعة لم تفارقها سماتها «المدينية» لسنوات طويلة، فى المنشأ والمسار. وتتم إحالة كل هذا إلى سند دينى وسط تأويل مفرط للنص أو اتكاء على الظروف التى تجعل «الضرورات تبيح المحظورات»، والتى قادت فى الحقيقة إلى تركز «ثروة الإخوان» التى جمعوها من تبرعات أعضائهم العاملين وهبات الموسرين فى الخليج وأرباح مشروعاتهم فى مناطق مختلفة من العالم فى أيدى قلة، وظفتها فى شراء الولاءات وتوجيه دفة الجماعة لتبتعد بمرور الوقت عن طريق حسن البنا وتنزلق إلى طريق سيد قطب، رغم أن قادة الجماعة الأقدمين تبرأوا منه، وقالوا إنه لا يمثل جماعتهم أبداً. نعم نادى سيد قطب بتوفير حد الكفاية وكتب من أجل هذا كتابه الأثير «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، لكن ذلك كان فى مرحلته الثانية التى لم يلبث أن فارقها وتنصل مما ألفه خلالها تماماً، ورغم أنه كتب «معركة الإسلام والرأسمالية» فإن قضيته لم تكن مواجهة الرأسمالية الاستعمارية المتوحشة برؤية تنزع إلى الانتصار للطبقات الفقيرة بقدر ما كانت تواجه رأسمالية الغرب برأسمالية تتكئ على النصوص الإسلامية، إما بتأويل مغرض للقرآن الكريم أو بانتقاء لأحاديث نبوية أو التقاط لمواقف من سير الأقدمين. أما حسن البنا، ورغم تأكيده على الملكية الخاصة، فإن رؤيته الاقتصادية انطوت على ثلاثة مطالب أساسية، تبدو مصر فى حاجة ماسة إليها فى الوقت الراهن، وهى: استقلال النقد واعتماده على رصيد ثابت من موارد الأمة ومخزونها لا من البنوك الدولية، وحماية الجمهور من عسف الشركات المحتكرة وإلزامها حدودها، بما يؤدى إلى الحصول على كل منفعة ممكنة للناس، وتنظيم الضرائب الاجتماعية على أساس النظام التصاعدى بحسب المال لا بحسب الربح، وأولها الزكاة، ومحاربة الكنز وحبس الأموال عن التداول، والاستعانة بها فى المشروعات الاقتصادية وكذلك الخيرية، وأخيراً تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم وعلاواتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار. كان البنا فى هذه الأيام يقود مجموعة من صغار الموظفين والحرفيين، الذين كوّنوا النواة الأولى لجماعة الإخوان، ولذا كان ملتفتاً إلى رقة حالهم، وراغباً فى تحسين أحوالهم. لكن بمرور الزمن راحت الجماعة تجذب قطاعات من «البرجوازية الصغيرة» وتتمسك بشروط صارمة لمن ينضم إليها، منها ضرورة أن يكون له عمل يتكسب منه، ثم انفتح باب واسع لتراكم رأسمالى جاد، من التبرعات والهبات والاستثمارات، وباتت الجماعة مصدراً لخلق طبقة من رجال الأعمال، منحتهم الجماعة فرصة لتدوير أموالها فى تكتم بعيداً عن ملاحقة ومطاردة الأنظمة الحاكمة التى كانت تستهدف الإخوان. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والرأسمالية المتوضئة 1 الإخوان والرأسمالية المتوضئة 1



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt