توقيت القاهرة المحلي 21:17:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من وحي أرقام «مؤشـر الإرهاب العالمي»

  مصر اليوم -

من وحي أرقام «مؤشـر الإرهاب العالمي»

عريب الرنتاوي

نردد  دون تفكير، بأن الإرهاب طارئ على مجتمعاتنا والتطرف وافد على ثقافتنا وتقاليدنا، ونجزم بأن الجماعات الإرهابية المتطرفة لا تمت لنا، ثقافة

وتاريخاً وحضارة وديناً بأية صلة، ونغرق في البحث عن أسباب خارجية لتفاقم تحدي الأصولية والتطرف والإرهاب، فنردها غالباً إلى الغرب

الاستعماري ومن منطلق “صراع الحضارات والأديان، ونعزوها في أحيان أخرى إلى إيران وحلفائها، ومن سياق صراع المذاهب وحروبها ...

المهم أننا كعرب، وأهل سُنَّة وجماعة بشكل خاص، بريئون براءة الذئب من دم ابن يعقوب، مما يجري حولنا وفي أوساطنا.
ثمانية عشر ألف قتيل، وأضعافهم بالطبع من الجرحى والمصابين، هم ضحايا الإرهاب في العام 2013 وحده، 82 بالمائة منهم سقطوا في خمس دول

فقط، صادف أن أربعة منها هي عربية – مسلمة (سُنِّية)، هي: العراق وسوريا والباكستان وأفغانستان، إلى جانب نيجريا، فيما استأثرت دول

عربية وإسلامية بالبقية الباقية من الضحايا كمصر ولبنان وليبيا واليمن... أما المنظمات الأربع التي تصدرت مشاهد القتل وأعمال الذبح، فهي أربعة

كذلك، وصادف أيضاً أنها من أهل السُّنَة والجماعة: داعش، القاعدة، بوكو حرام وطالبان.
نريح أنفسنا، بل نخدعها حين نقول إن ليس للإرهاب ملة واحدة، وأن الإرهاب مبثوث في مختلف الحضارات والأقوام والأديان ... من حيث المبدأ

هذا قول صحيح، بيد أن الصحيح كذلك، أن الصورة تختلف جذرياً، حين نكون مصدر 99 بالمائة من الإرهاب وحين نحصد النسبة ذاتها من ضحاياه،

عندها “التعميم” لا يكون دقيقاً، بل نوعاَ من ذرِّ الرماد في العيون، وحجباً للحقيقة التي تفقأ العيون، وتنصلاً من المسؤولية في مجابهة هذا التحدي،

وخضوعاً لابتزاز أصحاب الأصوات العالية من فقهاء الظلام وزعماء الحركات الإسلاموية.
تقرير “مؤشر الإرهاب العالمي” الأخير، أوضح أن 90 بالمائة من الأعمال الإرهابية، ارتكبت في دول تنتهك فيها حقوق الإنسان بشكل جسيم،

وأحسب أن حال حقوق الإنسان في الدول العربية المنتجة والمصدرة للإرهاب على حد سواء، تعاني من أفدح أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،

وبدل أن نعمل على تغيير الصورة والمشهد، نصرف الوقت والجهد والموارد، في تجميل الصور القبيحة لأنظمة الحكم والاستبدادية والفاسدة، ونبحث عن

مصادر وهمية للتطرف والإرهاب خارجنا، ونسعى في تبرئة حتى أكثر القراءات الإسلامية تخلفاً وبدائية وعنفاً مما يجري مقارفته من مجازر ومذابح.
في ظني أن تقرير السنة المقبلة سيسجل ارتفاعاً ملحوظاً في عدد العمليات الإرهابية وأعداد ضحاياها والخسائر المترتبة عليها، والأرجح أن العراق

سيأتي أولاً، تليه سوريا في المرتبة الثانية، كما في العام 2013، والمؤكد أن كلا من ليبيا واليمن ستتقدمان على نيجريا في لائحة الدول الأكثر تعرضاً

للإرهاب، فسنة 2014 كانت حافلة على هذا الصعيد، خصوصاً النصف الثاني منها، والذي بدأ باجتياح الموصول وإعلان “دولة الخلافة” وما رافق

ذلك من عمليات تطهير طائفي ومذهبي، فضلاً عن اشتداد حدة المعارك في شمال شرق سوريا وجنوبها وغوطة دمشق والقلمون، دع عنك “الانفجار

الحوثي” في اليمن، وما رافقه وترتب عليه، من معارك في طول البلاد وعرضها، وكذا الحال في ليبيا وحرب الجميع ضد الجميع المندلعة فيها من دون

توقف.
إن لم تكن كل تلك الأرقام والحقائق، كافية لإقناعنا بالبحث في دواخلنا عن أسباب العنف والتطرف والإرهاب، فما الذي سيقنعنا إذن، وإلى متى سنظل

نتعامل مع ظاهرة تفشي الإرهاب بوصفها “حالة أمنية طارئة” تعالج بوسائل أمنية وائتلافات دولية وضربات جوية ... منابع الإرهاب الفكرية،

تفجرت في صحارينا وبوادينا القاحلة من الثقافة والمدنية... أما نجاح الإرهاب في اجتذاب شبابنا، فما كان ممكناً من دون تفشي ظواهر الاستبداد

والفساد في دولنا ومجتمعاتنا، وما لم يجر التصدي لكل هذه الأسباب والعوامل مجتمعة، سنكون أمام “حرب عبثية”، نعرف متى بدأت، لكننا لن نعرف

أبداً متى ستنتهي أو كيف.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من وحي أرقام «مؤشـر الإرهاب العالمي» من وحي أرقام «مؤشـر الإرهاب العالمي»



GMT 21:17 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

العيش!

GMT 21:16 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

درس غزة!

GMT 21:15 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

حكاية عن الحكيم

GMT 19:45 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

مطلوب تدريس هذا الكتاب في الثانوية

GMT 19:44 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

الأيام «النحسات»

GMT 19:43 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

هل هناك فرق بين نتنياهو وإسرائيل؟!

GMT 10:14 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

مواسم الوزراء والمحافظين!

GMT 10:11 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

ليست حكومة سرية

نانسي عجرم بإطلالة رقيقة في حفل لـ "Tiffany and co"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:14 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

إطلالات أنثوية لياسمين صبري باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنثوية لياسمين صبري باللون الأحمر

GMT 14:58 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

الفنانة شيرين رضا تعلن اعتزال الفن
  مصر اليوم - الفنانة شيرين رضا تعلن اعتزال الفن

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 10:16 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يزهر الخريف

GMT 11:00 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الراحة النفسية في ارتداء الملابس أهم من المنظر الجذاب

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

زيدان غاضب من أحاديث الرحيل ويحسم صراع الحراس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon