توقيت القاهرة المحلي 09:57:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حماية الفلوس

  مصر اليوم -

حماية الفلوس

أسامة غريب
   ما زال الناس يدهشهم أمر المجلس العسكرى الذى تولى السلطة عقب خلع مبارك ولمدة سنة ونصف متصلة شهدت أبشع ما يمكن أن يفعله حكام بشعب من بنى جلدتهم! وفى الحقيقة هذه الدهشة مبررة، فهؤلاء أناس لا تاريخ سياسى لهم باعتبارهم عسكريين محترفين كما هو مفترض.. ومع ذلك فإن العسكرى المحترف هو أيضًا إنسان يحس ويشعر بنبض الناس ويعرف مواضع آلامهم. لقد كان الله كريمًا مع أعضاء المجلس العسكرى الذين تولّوا السلطة التنفيذية والتشريعية مع نفوذ هائل على السلطة القضائية، ومع ذلك لم يستخدموا تلك السلطات إلا من أجل شخرمة البلاد والعباد.. وكان غريبًا أنهم لم يخطوا خطوة واحدة فى اتجاه تلبية أى مطلب شعبى إلا تحت ضغط هائل وبعد مظاهرات مليونية حاشدة استهلكت الناس واستنزفت طاقتهم. كان حل الحزب الوطنى مطلبًا ثوريًّا عاجلًا باعتباره وكرًا يضم أخلاطًا متنوعة من الأشرار المعادين للثورة، ومع ذلك رفض المجلس العسكرى أن يحل الحزب، وتكفّل القضاء بالأمر! وكانت محاكمة مبارك هدفًا أساسيًّا رغب فيه الناس من أجل معاقبة المجرم واسترداد الأموال التى سرقها، ومع ذلك فقد تثاقلوا فى هذا الأمر تثاقلًا مريبًا، ثم دبّروا محاكمة لا علاقة لها بالعدالة حاكموا فيها القاتل اللص وولديه على جرائم تافهة سقطت بالتقادم وبالتالى فالبراءة فيها وجوبية، وتغاضوا عن الجرائم الواضحة ولم يدفعوا بها إلى المحكمة.. ليس هذا فقط وإنما تم إتلاف الأدلة على قتل الثوار تحت سمعهم وبصرهم وبيد أعوانهم فى أجهزة الأمن، الأمر الذى جعل من الحكم بالمؤبد على مبارك نكتة قضائية بعد أن تمت تبرئة القتلة التنفيذيين مع إدانة مبارك لأنه لم يقم بحماية الثوار من الأشباح الذين قتلوهم! وليس لهذا معنى سوى أن البراءة ستكون مضمونة فى النقض. ومن قبل هذا سمحوا لمبارك بالإقامة فى منتجع صحى دون أن يشكو أى علة وتركوا أسرته تعيش معه فى المنتجع وهو المحبوس احتياطيًّا! بالإضافة إلى توفير الحماية لزوجة المخلوع وهى التى استباحت المال العام وغرفت من حساب مكتبة الإسكندرية، حيث اكتفوا بأن استردوا منها مسروقات بقيمة 24 مليون جنيه ثم تركوها دون محاكمة! كل هذا بخلاف الانفلات الأمنى والبلطجة التى اجتاحت الشارع المصرى والأزمات المعيشية فى الوقود والخبز، وتحولت شوارع المدن إلى مزابل بكل معنى الكلمة. حدث هذا والسادة الحكام يحوزون صلاحيات وسلطات إلهية تمكنهم من السيطرة على كل شىء وعلاج كل مشكلة.. ولكن أى سيطرة وأى علاج وهم متهمون بتدبير كل هذا عمدًا ومع سبق الإصرار والترصد بالشعب المصرى! الناس فى دهشة وذهول من الأسباب التى دعت السادة الذين تقلّدوا السلطة طوال الفترة الانتقالية إلى أن يفعلوا ما فعلوا ولا يترددون فى قتل الثوار فى مواقع ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية؟ والحقيقة أن الإجابة عن التساؤلات السابقة ليست سهلة، لكن الاجتهاد فيها أمر مشروع، وأول هذه الاجتهادات التى تتردد على ألسن الكثيرين أن الحفاظ على الثروات الشخصية والمصالح المالية كان الهدف الأساسى الذى إليه يرجع كل قرار صدر أو قانون سُلِق أو إعلان دستورى انفجر فى وجوهنا. لم تكن حماية مبارك حبًا فيه وإنما بسبب الرغبة فى أن لا ينفتح الصندوق الأسود ويصبح الحساب على استباحة المال العام والانشغال بمراكمة الأموال من الوظيفة العامة أمرًا ممكنًا. وكذلك الانفلات الأمنى ومحاولات شيطنة الثوار والعمل بكل قوة من أجل إنجاح أحمد شفيق، ثم ما تلا هذا من إلقاء الزبالة فى الشارع وقطع الكهرباء وتحويل حياة الناس إلى جحيم. كل هذا كان الغرض منه حماية الفلوس.. تصوّروا! لكن بفضل ربنا، فإن هذه الرغبة الحارقة فى حماية الفلوس كانت السبب فى إيثار السلامة وعدم المقاومة عندما تم خلعهم!.. سبحانك يا رب يا ناصر المستضعفين يا من ستساعدنا على محاكمة كل من ظلمنا لنقتص منه ونسترد أموالنا المنهوبة. نقلاً عن جريدة "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماية الفلوس حماية الفلوس



GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt