توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ممنوع التفكير

  مصر اليوم -

ممنوع التفكير

بقلم:أسامة غريب

فى القرن الواحد والعشرين، ما زلنا نرزح تحت ركام الأفكار القديمة التى حسمت كل الأمور ولم تترك شيئًا دون أن تفتى فيه قبل أن تغلق عليه الباب بالمفتاح، لذلك فإن فكرتنا عن حرية التفكير مشوهة وغامضة، وما أعتقد أننا عرفناها طوال مئات السنين السابقة.

لدينا كل الأمور محسومة، وأقوال الفقهاء تضع بين يديك الحلول لكل المسائل التى تخطر على البال، ولديك فى هذا الشأن خيارات عديدة، فإذا لم يعجبك رأى هذا الفقيه فاتركه وخذ رأى الفقيه الآخر.. المهم والمطلوب هو ألا تشغل بالك بالتفكير فهناك من اجتهد وفكّر نيابة عنك ثم توصل إلى الإجابات النموذجية التى عليك أن تأخذها جاهزة معلبة دون مناقشة!.

ولو أن هذا كان صحيحًا، أقصد الحلول والإجابات التى تركها السلف الصالح لما كنا بهذا البؤس وهذه التعاسة ولما تذيلنا الأمم. من الواضح أن ما تركه لنا الأقدمون هو أفكار عتيقة خدمتهم منذ ألف سنة وكان لها دور فى حياتهم لكنها لا تصلح اليوم لحل أى مشكلة معاصرة. وأصعب ما فى هذه الحالة القسرية التى فرضت علينا الجمود والركود والزناخة هو ترسانة القوانين التى تحمى اجتهادهم الفقهى وتمنع تجاوزه أو تنحيته جانبًا، ومن أشد هذه القوانين شراسة نجاحهم فى تسمية حرية التفكير «بدعة» أو محدثة أى عرضًا جديدًا لم يعرفه السابقون، وبالتالى يتعين رفضه دون مناقشة لأن مسائل الفكر تم حسمها بالكامل، فإذا فكر أحد بطرح فكرة جديدة فلا بد أنها بدعة تهدف إلى فتن الناس فى دينها!.. أما إذا صمد صاحب الفكرة لهجوم الشبيحة ومضى فى طريقه يشرحها للناس، عندئذ تخرج من الترسانة تهمة جديدة اسمها «الزندقة» يتم توجيهها للباحث المفكر ولهم فى هذا مقولة شهيرة تقول: «إن من تمنطق فقد تزندق!»، فإن لم يرتدع الباحث يتم تلبيسه تهمة الكفر الصريح مع إهدار دمه!. وبهذا يكون عداؤهم للفلسفة منطقيًا ومعقولًا بالنظر إلى أن الفلسفة هى الأسئلة الدائمة التى يتولى العلم الإجابة عنها، ولهذا نحن متخلِّفون فى العلم لعدم وجود تساؤلات محيرة تحفز العلماء وتتحداهم.

أما الموضوعات التى سمحوا بطرحها والجدال حولها فأغلبها من النوع السخيف المقزز مثل هل تجوز صلاة من يحمل على رأسه قربة فساء وسؤال جواز إرضاع الرجل الكبير، ومدى نجاعة استخدام بول البعير بديلًا عن الطب والدواء؟. هذا الكلام الفارغ هو الذى أفسحوا له من وقتهم ومنحوه الجهد والمداولة، فإذا أظهر العقلاء اشمئزازهم برروا هذا بأنهم يفسحون للفكر بكافة أنواعه! وهذا فى ظنى هو السبب فى عدم ظهور أى علماء فى بلادنا يفهمون فى الكيمياء والأحياء والفيزياء والهندسة والرياضيات.. وعوضًا عن هذا تم إطلاق لفظ العلماء على رجال الدين الذين خاصموا العلم وصادروا التفكير واحتقروا الاكتشافات والاختراعات لدرجة أن كبيرهم فى عصرنا هذا تندر فى سماجة أسعدت مريديه وهو يقول إن الله قد سخر لنا الخواجات ليخترعوا لنا كل ما نحتاجه دون أن نتحرك من على الشلتة!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممنوع التفكير ممنوع التفكير



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt