توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدن بلا سكان

  مصر اليوم -

مدن بلا سكان

بقلم:أسامة غريب

قمت بزيارة لشرم الشيخ بعد غياب سنوات، وقبلها كنت فى الغردقة لعدة أيام. لاحظت أن شيئًا لم يتغير. لا أقصد عدد الفنادق والمنشآت السياحية، لكن أقصد أن كلتا المدينتين خالية من السكان الحقيقيين، فالموجودون الذين يشتغلون فى السياحة بالمطاعم والفنادق والبازارات وكذلك سائقو التاكسى.. كلهم ضيوف من خارج المكان، جميعهم من الوادى والدلتا وقد انتقلوا بغرض أكل العيش ولم يأخذوا الزوجة والأبناء وإنما تركوهم فى قنا وسوهاج والمنصورة وطنطا والقاهرة. لهذا تبدو المدينتان الغردقة وشرم وكأنهما بلد عربى يسافر إليه طالب العمل المصرى المغترب ليعمل ويكدح من أجل إرسال قرشين للعيال أول كل شهر.. وأما عن الإجازات والعودة إلى الأسرة فى الموطن الأصلى فتتم بنفس المعدل المعمول به فى البلاد العربية، وهو أمر غير عادل وغير معقول، فالطبيعى أن يأتى العامل من هؤلاء بأسرته ليعيش حياة طبيعية مثل البشر، لكن المشكلة كما سمعتها من كثيرين أن أسعار السكن ليست فى المتناول فيضطرون للسكن الجماعى الرخيص فى حياة تبدو مؤقتة، لكنها للأسف تدوم وتستمر للأبد!.

وأقسم أننى ركبت مع سواق أوبر أخبرنى أنه من القاهرة، وقد أتى بسيارته الملاكى ليعمل فى الغردقة، وعندما وجد إيجارات الشقق ليست فى الإمكان فإنه أصبح يبيت فى السيارة ويستعمل دورات المياه الخاصة بالجوامع والمقاهى. هذا الرجل عندما سألته عن الاستحمام وماذا يفعل، والبيجامة ومتى يرتديها فإنه رد فى أسى: خليها على الله.

وهذا فى الحقيقة جانب آخر من جوانب المشكلة، فالشخص الذى يعيش مع عشرة أشخاص فى شقة صغيرة لا تكون لديه فرصة للاستحمام واستعمال الحمام بأريحية، لهذا ولا مؤاخذة فيما سأقوله فإن الجرسونات والسائقين تفوح منهم روائح الذين يخاصمون الماء والصابون رغمًا عنهم. لقد رأيت فى الكثير من المدن الساحلية فى أوروبا وبالذات فى إيطاليا أن كل مدينة أو قرية يعيش ويعمل بها أهلها من مئات السنين، فوجود الشاطئ والعمالة التى تخدم السائح لا يمنع وجود المُزارع والنجار والبقال والمدرس والخباز والممرضة والخياطة، وكلهم من أهل القرية، بمعنى وجود مجتمع متكامل وحياة طبيعية يعيشها الناس وليس وجودًا مؤقتًا لأناس تعساء يشعرون بالغربة والحنين إلى أماكنهم الأصلية.

ليس طبيعيًا بالمرة أن تكون مدنًا مثل الغردقة وسفاجا والقصير والعين السخنة وشرم ودهب ونويبع بلا سكان بالمفهوم الحقيقى لكلمة سكان، أى بشر مستقرون يمارسون أنشطة اقتصادية واجتماعية وثقافية، مرتبطون بالمكان ومحبون له، لا شاعرين بالوحدة والغربة.

شىء آخر يمكن ملاحظته هو غياب وسائل النقل الجماعى من أتوبيس وترام إلى آخره، فكل الموجود هناك هو التاكسى الذى يعمل بأسعار وحشية لا تناسب مواطنا مصريا شريفا أو حتى سائحا أجنبيا متعودا أن يركب المترو والأوتوبيس فى بلده السياحى بقروش معدودة. وملاحظة أخيرة هى اختفاء اللغة العربية من اللافتات، ففى الغردقة يكتبون بالروسى والإنجليزى وفى شرم يكتبون بالروسى والإيطالى، ولولا الملامة لأعلنوها صراحة: المصريون يمتنعون!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن بلا سكان مدن بلا سكان



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt