توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التَعَلّق بسفينة قرصان

  مصر اليوم -

التَعَلّق بسفينة قرصان

بقلم:أسامة غريب

عندما خطب الرئيس الهارب بشار الأسد خطبته الشهيرة عام ٢٠٠٦ ووصف من تقاعسوا عن نصرة المقاومة اللبنانية بأنهم «أنصاف رجال»، فإنه حاول أن يقدم نفسه كزعيم يدعم المقاومة ويواجه إسرائيل.. غير أن توالى الحوادث على مدار السنوات التالية حملت شكوكًا حول هذا الأمر، خصوصًا عندما رفض أن يتنازل لشعبه الثائر وينظر فى المظالم ويلجم زبانيته، لكن اختار بدلًا من المسار الآمن واحتضان أمانى السوريين أن يواجه الغضب الشعبى مستخدمًا البراميل المتفجرة، وفضّل أن يتنازل للأتراك والإيرانيين والأمريكان والروس والإسرائيليين، وسمح لهؤلاء جميعًا باقتطاع أجزاء من الأرض السورية واللحم السورى، ولم يفكر إلا فى الحفاظ على الكرسى.

عندما يفكر المرء فى الحالة السورية فإنه يندهش لأمر هذا الرجل الذى درس طب العيون فى لندن ثم عاد إلى دمشق ليتجهز للحكم بعد مصرع شقيقه الذى كان بمثابة ولى العهد!. عندما رحل والده فإنه لم يضطر لأن يخوض نضالًا سياسيًا من أجل الرئاسة وإنما وجد أعمدة الدولة كلها تعدّل الدستور ليسمح له بالترشح والتجاوز عن صغر سنه، وقد أرادوه رئيسًا ليحافظ لهم على نفوذهم وثرواتهم ومواقعهم. أما هو فقد فهم أن إدارة الحكم بسلاسة تقتضى أن يمضى فى سكة الفساد والوحشية والعفن السياسى التى مهّدها والده، ولا بد أنه اعتقد أن هذا الطريق يضمن له الحكم الأبدى كما كان الأمر بالنسبة لوالده، إذ إن حافظ الأسد ورغم كل الكراهية والرفض الشعبى قد حكم دون منازع حتى مات بشكل طبيعى.

ورغم كل ما يقال عن دوره الأساسى فيما يسمى محور الممانعة، فإنه كان فى الحقيقة عبئًا على المقاومين، وقد كلّف إيران وحزب الله كلفة باهظة مقابل سماحه بمرور السلاح إلى لبنان.. والحقيقة أنه من ضمن الأسئلة المثارة: ألا يمكن أن تكون ممانعًا وداعمًا للمقاومة وأنت تقود دولة ديمقراطية عادلة تساوى بين أبنائها وترعى حقوق الإنسان؟ هل لا بد أن تعتمد الوحشية سبيلًا وتكلف حلفاءك من أمرهم رهقًا وخجلًا وتنتقص من قيمتهم وشعبيتهم؟.

إن أسوأ ما فعله بشار الأسد أنه جعل الناس تحلم بالخلاص منه ولو على يد الشيطان، والحقيقة أن الشعب السورى الذى كان مثل الغريق الذى يصارع الموج ويوشك على الهبوط لقاع البحر مرت من جانبه سفينة قراصنة فتعلق بها، وهو مضطر رغم كل شىء أن يدين للسفينة وقراصنتها بإنقاذه، ولا يمكن- والحال هكذا- إلا أن يمنحهم الشرعية التى تلزمهم فى تملك أمره وإدارة شؤون حياته. ما حدث فى سوريا هو رد فعل مَرَضى على ظاهرة مَرَضية، والإنسان السورى الذى تم انتشاله من الماء ويخطو خطواته الأولى داخل سفينة القراصنة لا يمكن الحكم على موقفه بعد أن يجفف جسمه ويتدفأ وينام. المستقبل فقط هو الذى سيجيب عن الأسئلة الخاصة بما إذا كان سيُخيّب أمله أم سيعتنق أفكار القراصنة!.. أما الاحتمال بأن يغير ربابنة السفينة من أنفسهم فهو غير وارد. عمومًا لا نريد أن نفسد على الناس فرحة النجاة من الغرق!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التَعَلّق بسفينة قرصان التَعَلّق بسفينة قرصان



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt