بقلم : عبد المنعم سعيد
معذرة إذا كنت أستخدم بعضًا من اللغة الكروية السائدة هذه الأيام؛ ليس فقط لأن فريقنا القومى الأول يخوض الآن نهائيات الكأس الأفريقية فى المغرب، ولأن فريقنا القومى الثانى خاض مباريات كأس العرب فى قطر وخرج من الأدوار الأولى. اللغة مناسبة لدى الشارع بقدر ما هى متكررة لدى النخبة، وكلاهما يجمعه اهتمام مشترك بضرورة الفوز بالكأس هذه المرة بعد مرور 15عامًا على فقدانها.
مازلت أذكر هذا الفوز الأخير عام 2010 عندما دعيت إلى القصر الجمهورى لحضور حفل استقبال أقامه الرئيس مبارك لفريق كرة القدم بعد فوزه بالكأس لثالث مرة. كنت مندهشا فلم تكن دعوتى إلى القصر الجمهورى من الزيارات المتكررة، والمفاجأة لم يكن هناك من حضور للمدنيين من غير أهل الرياضة إلا أنا والأستاذ حسن المستكاوى.
أذكر أن اللاعب محمد المحمدي وقف معى معبرًا عن دهشته فى أن يكون داخل القصر الجمهورى وهى وقفة لم يكن يحلم بها ولا يعلم ماذا يقول الناس فى قريته عن واحد منهم يلقى التكريم الكبير. تكفل الأستاذ المستكاوى بتقديم الجمع من أصحاب المناصب فى اتحاد كرة القدم، والكابتن حسن شحاتة المدرب، واللاعب زيدان الذى كانت له وسائله الخاصة فى التعبير عن نشوة الفوز والترحيب بلقاء الرئيس فى القصر الجمهورى. كان هناك نوع آخر من اللاعبين الذين وجدوا فى المقام فرصة إما للحصول على منافع أو للحصول على نصيب من الثروة أو الاعتزاز باتخاذ أوضاع مرحة فى الصور.
مضى على الحدث والذكرى عقد ونصف وظلت اللغة الكروية شائعة بعد أن ارتفع شأن الاستوديوهات التحليلية، وزاد اهتمام المذيعين باللعبة واللاعبين واستضافتهم. فى ذلك وجدت تعبيرات شائعة قبل المباريات الحرجة مثل أن إحراز هدف مبكر سوف يحدث ارتباكًا وخللًا لدى الخصم؛ وأنه لابد من التوازن بين الهجوم والدفاع، وفى كل الأوقات كانت المباراة مصيرية وتقوم بإسعاد أهل مصر أو تكون سببا فى تعاستهم.
ما لفت نظرى بقوة خلال المباريات الأخيرة كان العلاقة المفقودة بين الاستحواذ وتسجيل الهدف؛ ففى مباريات كأس العرب الثلاث كان فريقنا مستحوذًا على الكرة فى أكثر من ٦٠٪ من الوقت ولكننا تعادلنا فى مباراتين وخسرنا الثالثة؛ وفى مباراة زيمبابوى بلغ الاستحواذ ٧١٪ ومع ذلك فزنا بفارق هدف واحد أحرزه العظيم محمد صلاح فى الدقيقة ٩١ من المباراة.
فصل العلاقة بين الاستحواذ والتهديف يمكن تفسيره بنقصان التركيز لدى اللاعبين؛ ولكنها أحيانا كثيرًا ما تسبب الارتباك فى الحياة العامة حينما يكون «الاستحواذ» ترجمة على بث الخضرة فى الصحراء المصرية، وإصلاح الريف المصرى، بالإضافة إلى الاقتصاد الحقيقى ممثلًا فى الزراعة والصناعة والخدمات؛ ومع ذلك فإنه لدى العامة والنخبة شعور بعدم الرضا؛ والمبالغون مصممون على السخط. الفرضية هنا تقوم على أن التنمية لا تعنى بالضرورة السعادة للمصريين لأنه لا تزيد ما فى جيوبهم من مال أو يجعلهم يحصلون على ما يتمنون وببساطة لا تحقق الهدف. عجبى.