توقيت القاهرة المحلي 13:03:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل هيكل للمستقبل

  مصر اليوم -

رسائل هيكل للمستقبل

بقلم - عماد الدين حسين

ما أهم صفات الكاتب والمفكر والمحلل والخبير الاستراتيجى الحقيقى وليس المزيف؟

 


الصفات كثيرة ومتعددة، وإحداها أن يكون قادرًا على فهم الواقع والحاضر، بما يجعله قادرًا على توقع وقراءة المستقبل.
الكاتب الحقيقى ليس متبنيًا أو قارئًا للطالع، بل لديه رؤية وفهم عميق للتاريخ ووقائعه وأحداثه بما يمكنه من توقع حركة المستقبل.
الصفات السابقة تنطبق على الكاتب والمفكر الكبير محمد حسنين هيكل الذى رحل عن عالمنا فى ١٧ فبراير من عام ٢٠١٦.
هيكل أو الأستاذ أو الجورنالجى ولد فى ٢٣ سبتمبر عام ١٩٢٣، وبالتالى مر على مولده عامان بعد المائة.
مساء يوم الثلاثاء الماضى احتفلت مؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية بتوزيع جوائزها التشجيعية لعام ٢٠٢٥، وهو الاحتفال الذى يُقام فى ذكرى ميلاد الأستاذ سنويًا. وقد فاز بالجوائز الزملاء يوسف عقيل من «المنصة» عن صحافة البيانات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلى على غزة، ويحيى اليعقوبى من غزة لتغطيته الميدانية لحرب الإبادة الصهيونية هناك، وسلمى عبدالعزيز من السودان عن تحقيقاتها عن تداعيات الحرب وكارثة الجوع فى السودان.
هدايت تيمور زوجة الأستاذ ورئيس مجلس إدارة المؤسسة قالت، فى كلمتها، إن المؤسسة تسعى منذ انطلاقها إلى تمكين الشباب وتدريبهم وتطوير مهاراتهم وإبراز إبداعاتهم بما يسهم فى الارتقاء بالصحافة العربية.
أعود إلى ما بدأت به، وأشير إلى أن ما لفت نظرى ونظر غالبية الحاضرين لاحتفال أمس الأول الثلاثاء، هو الفيديو الذى عرضه وأعده الإعلامى محمود التميمى، وهو عبارة عن مجموعة من مقولات هيكل خلال مقابلاته التليفزيونية.
المقولات تكشف كيف كان هذا الصحفى الاستثنائى قادرًا بخبرته وعمق بصيرته أن يقرأ المستقبل بصورة صحيحة.
المقولة الأولى كانت فى يوليو ٢٠٠٧، وتحدث هيكل، قائلًا: «هناك رغبة إسرائيلية عارمة لإزاحة قطاع غزة، وهى رغبة واضحة فى الخطط الإسرائيلية المتكررة، وأن إسرائيل تتصرف دائمًا مع غزة باعتبارها قنبلة موقوتة، وتريد أن تزيحها إلى مصر»، وقلت قبل سنوات طويلة: «نفسى أن مصر تنتبه إلى يوم تدفع فيه إسرائيل قنبلة غزة الموقوتة تجاه مصر».
هذا ما قاله هيكل والسؤال: هل هناك وضوح رؤية أكثر من ذلك؟!
المقولة الثانية لهيكل فى ديسمبر ٢٠٠٧ وكانت كالتالى: «ما تريده إسرائيل بالأساس هو السعودية، وليس الفلسطينيين، أى التطبيع مع كل دول الخليج».
المقولة الثالثة لهيكل، وكانت فى نوفمبر ٢٠٠٨وجوهرها: «سوف تتفاوض إسرائيل فى الفترة المقبلة مع نفسها أى مع إسرائيل أو أمريكا، على طريقة مقولة سعد زغلول «جورج الخامس يفاوض جورج الخامس»، وهذا ما يحدث الآن بالضبط للأسف الشديد.
المقولة الرابعة وكانت فى ديسمبر ٢٠٠٧، وجاء فيها: «السياسة الأمريكية هى الاحتفاظ بالجناح الشمالى المطوق للعالم العربى أى تركيا وإيران وإسرائيل الموجودة فى قلب المنطقة، إسرائيل وأمريكا لا تريدان ضرب إيران، بل ضرب وتغيير النظام، وإعادة إيران إلى نظام قريب موالٍ لها على غرار نظام الشاه».
وأظن أن هذا ما حاولته إسرائيل وأمريكا بالضبط فى عدوان، يونيو الماضى، ولم تتمكنا منه، وأغلب الظن أنهما سوف يعيدان المحاولة أكثر من مرة لتحقيق هذا الهدف.
المقولة الخامسة، وكانت فى ديسمبر ٢٠١٣ وهى: «إذا حدث وعادت إيران إلى إسرائيل سيكون تحولًا استراتيجيًا لا نستطيع كعرب مواجهته ببساطة».
هذه بعض مقولات هيكل التى تبدو اليوم وكأنها نبوءات مبكرة لما سيحدث لاحقًا.
ومن سوء الحظ أن غالبية الحكومات العربية لم تتعامل مع هذه الرؤى بما تستحقه من جدية، ومن سوء الطالع أن محاولات كثيرة من قوى وأشخاص فى المنطقة العربية سفهوا وقللوا من قدر هذا الرجل، وحاولوا تشويهه بكل الطرق، وبعضهم بشرنا بالسلام مع العدو الصهيونى مراهنًا على أن الذئب يمكن أن يتحول إلى حمل وديع!!
رحل هيكل بجسده، وظلت معظم أفكاره ومقولاته وتحليلاته صالحة للتعامل مع واقعنا بل مع مستقبلنا.
أظن أننا نحتاج إلى إعادة قراءة محمد حسنين هيكل مرة وكل المفكرين العظام مرة أخرى فى ضوء الواقع المرير الراهن، ليس بهدف تقديس الشخص إطلاقًا، بل محاولة الفهم والاستيعاب والتدبر والتحسب.
هيكل اجتهد، أصاب كثيرًا وأخطأ أحيانًا، لكنه ما يزال أهم وأفضل كاتب ومفكر ومحلل صحفى عربى حتى الآن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل هيكل للمستقبل رسائل هيكل للمستقبل



GMT 12:50 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

النشامى يُدخلون الفرح إلى قلوب الأردنيين

GMT 07:51 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 07:49 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 07:48 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 07:46 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 07:45 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 07:44 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 07:43 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 09:56 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:55 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 17:50 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بتروجيت يحفز لاعبيه بالمكافآت قبل مواجهة الزمالك

GMT 10:06 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يصعد بأكثر من 2% مع اقبال المتعاملين على المغامرة

GMT 02:00 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل انفجار كاد يودي بحياة أسرة كاملة في البدرشين

GMT 11:34 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حمدوك يُؤكِّد مساعدات الأشقاء تُساعد على حل الأزمة المالية

GMT 20:02 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الذي يجب أن تحويه صيدلية المنزل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt