توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين د. سعد الهلالى فى الإعلام الدينى فى رمضان؟

  مصر اليوم -

أين د سعد الهلالى فى الإعلام الدينى فى رمضان

بقلم:صلاح الغزالي حرب

تعيش الأمة الإسلامية فى هذه المرحلة حالة انتكاسة فى كافة ميادين الحياة، مما أفقدها الكثير من منهجيتها وتوقفت عن أداء رسالتها، وفى مصر استطاعت جماعة الإخوان الإرهابية بلجانها الإلكترونية التى تفشت فى وسائل التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى أعضاء التيار السلفى المتشدد أن تتغلغل إلى عقول الكثيرين مستغلة حالة الأمية الثقافية والدينية والانجذاب الدينى الفطرى لدى المصريين، مما أدى إلى سيطرة الإسلام الشكلى على الكثيرين، والذى أستطيع أن أقول إنه من أهم عوامل الضعف فى مجتمعنا، وقد طالب الرئيس السيسى، أكثر من مرة، بضرورة تجديد الخطاب الدينى واستجابت مؤسسة الأزهر بتعديل بعض المناهج الدراسية وغيرها من الإجراءات بالتعاون مع وزارة الأوقاف، لكن من المؤكد أن هذا لم يكن كافيا على الإطلاق، وكان من الضرورى أن يكون الإعلام منارة التجديد لهذا الخطاب، خاصة مع ظهور مجموعة من علماء الأزهر المستنيرين، وفى مقدمتهم أ. د سعد الدين الهلالى وتلاه آخرون من أجل كشف جوهر الإسلام الحقيقى.. وبكل أسف نظرت إلى الخريطة الدينية لشهر رمضان الحالى فسعدت بوجود شيخ الأزهر والمفتى والدكتور على جمعة مع بعض الدعاة الآخرين (كثير منهم لم نعرف تخصصه وسبب اختياره لهذه المهمة الصعبة والذين تفرغوا للإجابة عن أسئلة المشاهدين والتى كانت فى معظمها تعكس مدى تفشى الجهل الدينى والخرافات وتعاظم الإسلام الشكلى عندهم).. لكنى تعجبت وأسفت لعدم وجود د. سعد الهلالى فى هذا الشهر، وهو الذى أخذ على عاتقه منذ سنوات مهمة المساهمة فى تجديد الخطاب الدينى، بعد أن سادت الأفكار التواكلية والخرافية والمتشددة وغير الموثقة والمناهضة للسلم الاجتماعى فى مصر، وهو أمر يحتاج لتوضيح، وأتمنى ألا تكون الأسباب تتعلق باختلاف الآراء.. وسوف أتناول اليوم بعض المعلومات عن هذا العالم الكبير.
هو أستاذ الفقه المقارن فى كلية الشريعة والقانون بالأزهر، وكان رئيسا لقسم الفقه والأصول بكلية الشريعة جامعة الكويت (وكلمة الفقه تعنى الفهم وعند الفقهاء تعنى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها)، وقد حصل على جائزة الدولة التشجيعية فى مجال العلوم القانونية والاجتماعية فى مصر عام 2007 وجائزة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية فى مجال الفقه الطبى بالكويت عام 2006 كما حصل على عشرات من شهادات التقدير والدروع التذكارية من جامعات الأزهر والكويت والعين بالإمارات والرئاسة العامة لتعليم البنات بالسعودية وغيرها، كما أن له عشرات المؤلفات، ومنها موسوعة فقه أحكام المخدرات وموسوعة فقه الجنائز والجانب الفقهى والتشريعى للاستنساخ والدولة الإنسانية فى الإسلام وغيرها الكثير.. وقد شدنى إلى سماعه وتعقبه منذ سنوات طريقة حديثه الموثقة بالمراجع الصحيحة وذاكرته القوية وجرأته فى عرض كل الآراء الفقهية فى كل العصور، ثم ترك المستمع ليعمل عقله لاختيار ما يقبله وتذكرت قول رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)، خاصة وهو أستاذ فى الفقه المقارن الذى يعنى ببيان آراء العلماء وأدلتهم فى المسألة وتحديد محل النزاع أو الخلاف مع المناقشة والترجيح، فهناك فروق كثيرة بين المذاهب الأربعة ترجع إلى تعدد الأفهام والآراء، فالناس ليسوا سواء فى أفهامهم ومداركهم، فالصحابة، رضى الله عنهم، على سبيل المثال تعددت آراؤهم فى فهم مراد الرسول الكريم حينما أمرهم بعد غزوة الأحزاب بالتوجه إلى بنى قريظة.. وعن المذاهب الأربعة فهى كلها بالتأكيد تريد الحق فهى مذاهب اتباع الحق (القرآن والسنة النبوية)، وهناك مذاهب أخرى كثيرة، لكنها فى نهاية المطاف آراء وأفكار نمت فى زمن وبيئة وظروف خاصة بأصحابها، ولذلك أتصور أن ذلك قد يكون أحد أسباب حديث رسولنا الكريم عن التجديد كل مائة عام..

وفى معرض الكتاب الأخير تحدث د. الهلالى عن كتابه الجديد عن أهمية ومعنى وحكمة الطهور فى الإسلام، وقال إن المسلمين أمروا أن يتطهروا، لكن قد لا يعلم الكثيرون أن من مبطلات الوضوء مثلا الكلام القبيح أو الشتيمة، كما قالت السيدة عائشة أم المؤمنين!، وقال إنه يحرص على عرض كل الآراء الفقهية والتى تم إخفاؤها من قِبل بعض المتخصصين!، فالرأى الفقهى يقابله رأى آخر، وهذه هى المرونة فى الإسلام، وعن الخطاب الدينى قال إنه أصبح اليوم فى صورة فتاوى من بعض من يخرجون على الهواء فى البرامج التليفزيونية ويعبرون عن قناعاتهم الشخصية وهم يعلمون بالتأكيد أن الفقه حمّال أوجه، وطالب أهل العلم بأن يعملوا فى إطار التيسير والرحمة.. ومن أقواله إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والحال والمكان كما يجب أن تخدم المجتمع وليس أن ترضى المفتى له.. وفى حديثه عن الأضحية صرح بأن النبى، صلى الله عليه وسلم، لم يمنع الأضحية بالطيور (إذا ما ضاقت الحالة المالية) فطالما لا يوجد نهى فالأصل هو الإباحة، موضحا أن هذا هو قول سيدنا بلال بن أبى رباح، كما أنه رأى ابن حزم الظاهرى الذى يقر به الأزهر ويدرس مناهجه.

وعن الجماعات الدينية المتطرفة قال د. سعد الهلالى إنها أساءت إلى الدين فى أنحاء الدنيا، حيث ترى أن الشريعة الإسلامية يجب تطبيقها بحسب فهمهم هم للدين!، وكثيرا ما يكون هذا الفهم عرقيا أو سياسيا وهو ما نراه فى السودان وشمال العراق وجنوب تركيا.. فشعائر الإسلام ثابتة لا تتغير وليس من حق أى إنسان أن يغيرها، فهى التزام شخصى وليست له علاقة بالآخرين.. وقال إن التعددية الفقهية والاختلاف هى ميزة للدين الحق والإسلام رسالة استوعبت جميع الأديان السابقة، كما أن فقه الدين قائم على التعددية وليس الأحادية لأنها اجتهادات بشرية فى المسألة الواحدة.. ولكن تظل العقيدة والإيمان مرجعهما لله وحده سبحانه.

وعن فرضية الحجاب قال د. الهلالى إن الآية الكريمة (يدنين عليهن من جلابيبهن) ليست لها علاقة بالرأس فالجلباب يلبس عند الرقبة إلى أسفل، كما أن حديث الوجه والكفين فقد رواه أبوداود الذى مات عام 275 هجرية، فى حين أن رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، كان قد مات فى عام 11 هجرية أى أن هذا الحديث لم يظهر إلا بعد وفاته بـ240 عاما!، وهذا يعنى أن الحجاب ليس فرض عين لأن هذا يتطلب نصا دينيا يدل عليه، لكنه مجرد استنباط فهو فرض فقهى وليس شرعيا.. وتعقيبا على هذا الرأى للدكتور الهلالى أضيف ما ذكره والدى الراحل العظيم الغزالى حرب فى كتابه القيم (استقلال المرأة فى الإسلام) على لسان العالم الجليل الراحل الشيخ أحمد حسن الباقورى (إن كشف المرأة رأسها أو تقصير ثيابها- وإن كان يجافى الكمال- لا يبلغ أن يكون كبيرة من الكبائر أو موبقة من الموبقات وغاية ما يوصف به ذلك فى عرف أهل الشرع أنه صغيرة من الصغائر أو سيئة من السيئات، وقد أجمع المسلمون على أن اجتناب الكبائر والموبقات يكفر الصغائر والسيئات كما جاء فى قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) وقوله (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وقوله سبحانه (ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم)، وقد عقب والدى عليه فى الكتاب بقوله: إن الإسلام سلوك رشيد يستمد رشده من التجافى عن الغلو والإيغال إلى القصد والاعتدال (وما جعل عليكم فى الدين من حرج) والرأى الذى أوثره أن نيسر سبل التدين للمتدينين والمتدينات ولأن يرخص للناس فيتدينون خيرا من أن يشدد عليهم فينصرفون عن الدين.

(ويبقى أن نعلم أن والدى يرحمه الله كان من علماء الأزهر ومن كبار رجال التربية والتعليم وكان أول العلماء الناجحين فى شهادة العالمية مع إجازة التدريس متفوقا على جميع العلماء الأزهريين من علماء كليات الشريعة وأصول الدين واللغة العربية فى عام 1948، وقد وصفت الأستاذة الكبيرة أمينة السعيد كتابه بأنه أوفى وأجمع وأدق كتاب فى موضوعه ظهر عن المرأة).

خلاصة الأمر: مع تقديرى الكبير للجهد المشكور لمسؤولى الإعلام فى رمضان أناشدهم أن يكون محور الخطاب الدينى فى الإعلام بصفة عامة هو تجديد هذا الخطاب، وهو ما نادى به الرئيس السيسى أكثر من مرة، وهناك، والحمد لله، الكثير من علماء الدين المستنيرين لهذا الهدف النبيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين د سعد الهلالى فى الإعلام الدينى فى رمضان أين د سعد الهلالى فى الإعلام الدينى فى رمضان



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt