توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجامعة الأمريكية بين حرية الحوار والاتهام بالتطبيع (٢)

  مصر اليوم -

الجامعة الأمريكية بين حرية الحوار والاتهام بالتطبيع ٢

بقلم : عبد اللطيف المناوي

الجامعة الأمريكية، مثل أى جامعة عريقة، ليست مجرد قاعات دراسة، بل فضاء للحوار والجدل والاختلاف. على مدى أكثر من قرن، كانت منبرًا للنقاش الحر، تستضيف المختلفين لا لتتفق معهم، بل لتفكر من خلالهم.

نعم، يحق للطلاب الاحتجاج والتعبير عن رأيهم، وهذا ما يحدث بالفعل. لكن لا يجوز أن تتحول حرية التعبير إلى وسيلة لمنع الآخرين من الكلام أو للتنمر الفكرى. فحين يُمنع الحوار، تُغلق الجامعة أبواب رسالتها الأولى: التفكير الحر. وشهادة حق أن الجامعة الأمريكية «المصرية» أثبتت، فى الفترة الأخيرة، أنها مساحة لحرية التعبير بشكل حقيقى احتراما وتأكيدا لمفهوم الحرية الأكاديمية وإعدادا صحيا لطلابها. وأظن أن قيادة الجامعة كانوا سببا فى تدعيم هذا الوضع الذى هو جزء من بنية الجامعة التى يجب أن يفخر بها أساتذتها وطلابها.

الجامعة أدانت الظلم الواقع على الأبرياء فى فلسطين، وخفّضت أعلامها حدادًا على ضحايا غزة، وفتحت ساحتها للتضامن الإنسانى. لكنها أيضًا مؤمنة بأن مواجهة الأفكار لا تكون بالصراخ، بل بالحجة والعقل. ومرة أخرى أشهد على ذلك، ولست من خريجيها أو أساتذتها. ربما لو اطّلع الطلاب وبعض الأساتذة، الذين حثوا الطلاب على التعبير بتجاوز للتقاليد الجامعية، على سجل السفير دانييل كورتزر، لتبدّل موقفهم.

هو دبلوماسى أكاديمى معروف بمواقفه النقدية تجاه سياسات إسرائيل، خاصة التوسع الاستيطانى، لكنه مؤيد لوجودها وعيشها فى سلام، مع حق الفلسطينيين فى دولة قابلة للحياة. ودعا مرارًا إلى حلّ الدولتين، وانتقد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لتقويضها فرص السلام. ويرى الاستيطان والاحتلال عقبتين أمام السلام. وهو لا يخفى

تصويره كـ«صهيونى متعصب»، فقط يعكس فهما غير عادل ورفضًا للتمييز بين النقد والحوار. يمكن الاختلاف معه إلى أقصى حد، لكن بهدف كسب أصدقاء جدد وتحييد من لا يكون صديقا.

ما حدث فى الجامعة الأمريكية لم يكن مجرد جدل حول متحدث أو فعالية، بل اختبار حقيقى لمفهوم الحرية الفكرية فى مجتمعنا. الاختلاف ليس خطرًا، بل هو وقود الفكر. والمجتمع الجامعى الذى يخاف النقاش أو يهرب من مواجهة الأفكار المخالفة يفقد أهم مقومات وجوده.

قد نختلف مع كورتزر أو مع أى متحدث آخر، لكننا يجب أن نملك الشجاعة لنحاوره، لا أن نمنعه.

حماية حرية الحوار لا تعنى التخلى عن الموقف الوطنى أو الإنسانى. بالعكس، الحرية الأكاديمية الحقيقية تتسع للتضامن مع فلسطين وللاختلاف مع الآخر فى الوقت نفسه.

العاصفة التى شهدتها الجامعة الأمريكية كانت مؤشرًا على حيوية الشباب ووعيهم السياسى، لكنها أيضًا نبهتنا إلى خطورة الانفعال وغياب المعلومة.

الجامعة ليست ميدان معركة، بل ساحة حوار. والحوار لا يحتاج إلى صراخ، بل إلى فكر، وإلى شجاعة فى مواجهة الذات قبل الآخر.

علينا أن نحمى حرية التفكير والنقاش كما نحمى كرامتنا الوطنية، لأنهما فى النهاية وجهان لعملة واحدة: الوعى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجامعة الأمريكية بين حرية الحوار والاتهام بالتطبيع ٢ الجامعة الأمريكية بين حرية الحوار والاتهام بالتطبيع ٢



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt