توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استثمار الحالة

  مصر اليوم -

استثمار الحالة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

لحظة افتتاح المتحف المصرى الكبير تجاوزت فكرة كونها لحظة حدث ثقافى أو معمارى ضخم، إلى كونها حالة وطنية جامعة أعادت للمصريين شعورًا (موسميًا) بالفخر والاعتزاز. كانت مصر فى تلك الليلة تستعيد صورتها أمام العالم، بلد الحضارة الأكبر والإبداع الإنسانى الخالد، القادر على البناء رغم كل التحديات.

لم يكن الحضور الدولى الكبير هو ما منح الحدث قيمته، بل الإحساس الجماعى الذى عمّ الشارع المصرى بأننا جميعًا شركاء فى هذا الإنجاز، وأن ما أنجزته الدولة المصرية على مدار العقود الماضية ليس مشروعًا هندسيًا بقدر ما هو تجسيد حى لهوية تمتد عبر آلاف السنين.

لكن هذه الحالة الوجدانية ينبغى ألا تظل عابرة أو (موسمية) كما ذكرت سابقاً، ولا أيضًا أن تُختزل فى صور احتفالية لعدد زوار المتحف بعد الافتتاح. فالشعور بالفخر طاقة هائلة، والدول الذكية هى التى تعرف كيف تحولها إلى سلوك مستدام يغيّر فى وعى الناس ونمط حياتهم. من هنا تبدأ مسؤولية الدولة فى تحويل هذا الحدث إلى نقطة انطلاق جديدة.

الأهم - فى تقديرى- هو ضرورة استثمار الحالة المجتمعية التى ولدها الحدث، فذلك الشعور الجمعى بالاعتزاز والفخر يمكن أن يكون مدخلًا لتجديد الثقة بين الناس والدولة، وبين المواطن ومؤسسات بلده. فى لحظات كهذه، يصبح المجتمع أكثر استعدادًا للتعاون، وأكثر تقبلًا للإصلاح، وأكثر إيمانًا بأن الإنجاز ممكن. ومن هنا يمكن للحكومة أن تطلق مبادرات مجتمعية تستلهم روح المتحف - مبادرات تطوعية، وثقافية، وتنموية – تجعل من الفخر سلوكًا عامًا، لا إحساسًا مؤقتًا.

ربما ترتكز هذه المبادرات على التعليم والثقافة، إذ يجب التعامل مع المتحف الكبير باعتباره مدرسة مفتوحة للأجيال الجديدة، لتتحول المعرفة من نص جامد إلى تجربة حية، ستجعل الانتماء واقعاً يُمارس لا فكرة تُقال. أما على المستوى الاقتصادى، فإن هذه الحالة من الفخر يمكن أن تتحول إلى فرصة، لا سيما فى الجزء الخاص بالتنمية السياحية المستدامة، كأحد روافد الدخل القومى.

بين الفخر الشعبى والإنجاز الحكومى، يمكن للدولة كذلك أن تُطلق خطابًا جديدًا حول معنى الهوية والانتماء. خطاب يجعل من كل إنجاز فرصة للتربية الوطنية الهادئة، لا القائمة على التفاخر والتمايز. فالحضارة المصرية ليست حنينًا إلى ما مضى فقط، بل وعدٌ بما يمكن أن يكون. والمتاحف لا تحفظ الماضى فقط، بل تهيئ النفوس لتقبل المستقبل.

إذا استطاعت الدولة أن تحول هذا الفخر العام إلى مشروع وطنى متكامل يعيد صياغة العلاقة بين الناس وبلدهم، فإن افتتاح المتحف المصرى الكبير سيبقى لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، لحظة آمنت فيها الدولة بأنها لا تنتهج شعارات أو تعيش على أطلال الماضى، بل تبنى مجدًا جديداً يليق بمن صنعوا واحدة من الحضارات الأقدم فى التاريخ.

هى لحظة تختصر الماضى وتفتح باب المستقبل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استثمار الحالة استثمار الحالة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt