توقيت القاهرة المحلي 08:08:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بين دعم القضية وضرورات السيادة

  مصر اليوم -

ما بين دعم القضية وضرورات السيادة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

يجب تقدير وإدراك أهمية المسيرة العالمية إلى غزة، حيث تظهر حجم الزخم الشعبى والدولى المتزايد تجاه غزة. فى نفس الوقت الذى نقدر ونتفهم الموقف المصرى منها الذى جاء متوازنا بين الترحيب بالمبادرات الداعمة لحقوق الفلسطينيين، وبين ضرورة ضبط الحدود وفق حسابات سياسية وأمنية لا يمكن تجاهلها.

مصر فتحت معبر رفح لإدخال المساعدات، وتولت مهمة التفاوض من أجل وقف إطلاق النار، لا يمكن التشكيك فى موقفها الثابت والداعم للشعب الفلسطينى. لكن فى الوقت ذاته، فإن السماح بدخول آلاف المتظاهرين أو المشاركين فى مسيرات جماهيرية إلى منطقة حدودية شديدة الحساسية، دون ضوابط مسبقة، يحمل مخاطر أمنية جسيمة، سواء على المشاركين أنفسهم أو على الأمن الوطنى المصرى.

من هنا، جاء بيان وزارة الخارجية واضحًا فى تأكيده أن أى زيارة للمنطقة الحدودية يجب أن تتم وفق آلية محددة مسبقًا، بما يضمن أمن الوفود وحقوقهم دون المساس بالسيادة أو القوانين الوطنية. هذا ليس إجراءً تعسفيًا، بل ممارسة سيادية مسؤولة.

حاول البعض تصوير الموقف المصرى على أنه نوع من التراجع عن دعم غزة أو تنكّر للمبادرات الدولية، وهو تفسير لا يستند إلى وقائع. فالقاهرة، التى رحبت صراحة بالمواقف الشعبية والرسمية الدولية الرافضة للحصار، أكدت أنها سبق وأن سمحت بدخول وفود إنسانية وحقوقية، لكنها، فى الوقت ذاته، لا يمكنها السماح بحشود غير منسقة أو بفعاليات قد تتحول، بقصد أو بغير قصد، إلى اشتباكات أو فوضى على الحدود، تُعطى إسرائيل ذريعة لتأزيم الموقف أو نقل المعركة إلى الأرض المصرية.

لا شك أن «المسيرة العالمية إلى غزة» تُمثل جهدًا نبيلًا ومهمًا لإبقاء الأنظار مسلّطة على الكارثة الجارية فى القطاع، وهى تحظى بتأييد شعبى واسع من الشعوب العربية، بما فى ذلك الشعب المصرى ذاته. لكن من الضرورى، فى المقابل، أن يتم هذا التحرك ضمن أرضية مشتركة تراعى الاعتبارات السيادية والأمنية للدولة المضيفة التى تبقى المنفذ الأساسى لغزة، وحائط الصد الأخير فى وجه محاولات التهجير أو التفريغ السكانى للقطاع.

دعم القضية الفلسطينية لا يُقاس بعدد اللافتات أو المسيرات، بل بمدى الفاعلية السياسية والإنسانية على الأرض. ومصر، رغم الضغوط الهائلة والتعقيدات الداخلية والإقليمية، لا تزال تلعب الدور الحيوى، وليس من مصلحة أى طرف أن يُضعف هذا الدور أو يشكك فى نواياه. المطلوب اليوم ليس فقط تضامنًا عاطفيًا، بل تنسيقًا واعيًا يضمن نجاح الحراك الدولى، ويستفيد من ثقل مصر ومكانتها، لا أن يصطدم بها.

أى مبادرة شعبية أو دولية تنجح فقط حين تُبنى على التفاهم مع من يملكون القرار على الأرض. فالدعم الحقيقى لغزة لا يأتى على حساب سيادة مصر، بل بالعمل معها، ضمن ما تتيحه من مسارات، وما تسمح به من هامش، فى إطار التحديات التى تعرفها هى وحدها جيدًا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين دعم القضية وضرورات السيادة ما بين دعم القضية وضرورات السيادة



GMT 13:21 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 13:18 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ترامب… بين الثّقة به والقلق منه

GMT 13:16 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الأحمد رجلٌ أحرج نتنياهو..

GMT 11:01 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 11:00 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مؤشرات ومشاعر!

GMT 10:59 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 10:57 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:24 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 17 فلسطينيا بينهم 4 أطفال في غزة جراء الطقس القاسي
  مصر اليوم - وفاة 17 فلسطينيا بينهم 4 أطفال في غزة جراء الطقس القاسي

GMT 16:43 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ساناي تاكايتشي تُشدد على بناء علاقات مستقرة مع بكين
  مصر اليوم - ساناي تاكايتشي تُشدد على بناء علاقات مستقرة مع بكين

GMT 15:33 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية جديدة لمساعدة الروبوتات على التكيف مع البيئة المحيطة

GMT 02:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حكايات السبت

GMT 08:51 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

توازن بين حياتك الشخصية والمهنية

GMT 06:29 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان ينتهي من تصوير 60% من أحداث فيلمه "موتة ملوكي"

GMT 11:30 2021 السبت ,29 أيار / مايو

أليو بادجي يضع الأهلي في ورطة كبيرة

GMT 14:17 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تتبنى أولاد قتيل فيلتها ومحاميته ترد بقوة

GMT 11:53 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

سلوى عثمان تقدم حالة جديدة في "نصيبي وقسمتك"

GMT 05:19 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دينا فؤاد تقترب مِن إنهاء مَشاهدها في فيلم "قرمط بيتمرمط"

GMT 04:05 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

آبل تعلن عن مواصفات أجهزة آيفون "XS وXS max وXR"

GMT 02:40 2018 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

ستاف ماترز يوضح عدم وجود تعريف قوي وسريع للسوائل

GMT 13:39 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تعرفي على أبرز الديكورات للفصل بين غرف منزلك

GMT 12:38 2018 الجمعة ,17 آب / أغسطس

طريقة سهلة لإعداد "الغُريّبة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt