توقيت القاهرة المحلي 02:54:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن تسوية الملعب الدولي: قمة المستقبل

  مصر اليوم -

عن تسوية الملعب الدولي قمة المستقبل

بقلم: د. محمود محيي الدين

بدأ توافد ممثلي الدول استعداداً للاجتماعات التي يشارك فيها القادة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، ومن أهم الأمور التي ستتم مناقشتها محاور قمة المستقبل التي خصصت لإعادة إحياء النظام الدولي متعدد الأطراف. وأعتبر هذه المبادرة فرصة لاستعادة الثقة في إمكانية التعاون الدولي ومؤسساته للتصدي للتحديات التي تواجه العالم. وأكرر ما ذكرته تعقيباً على مقولة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، صاحب مبادرة الدعوة لانعقاد قمة المستقبل، بأن العالم يعاني من «عجز في الثقة» بأنَّ المقابل لهذا العجز هو ما نعانيه من فائض في الأزمات.

وقد تطرقت من قبل إلى ما تسبب فيه الرُّعن الحمقى ممن تصدروا المشهد السياسي في كوارث أمنية وإنسانية ومناخية يعاني منها العالم، وما جناه سفهاء تصدوا لإدارة الاقتصاد وشؤون التنمية، فما خلفوا وراءهم إلا أزمات الاستدانة والغلاء والبطالة والفقر. هذا كله يجري في عالم لا تنقصه الموارد أو الثروات، ولكنه يفتقر إلى قيادات تستنقذه مما اعتراه من بؤس، وما يكتنف الشباب في بلدان شتى من يأس.

تتطلب محاولة إعادة إحياء نظام التعاون الدولي تجديداً لمؤسساته المعنية بالسلم والأمن والتمويل والتنمية، أن تكون معبرة عن التغيرات في أوزان القوى حول العالم، وأفضل تمثيلاً لتطلعات الشعوب وحكوماتهم، وأكثر فاعلية من حيث التمويل والموارد وكفاءة استخدامها، وأمهر قدرة في المشاركات مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني. يقتضي هذا التمرد على حالة الاكتفاء بالحد الأدنى والإبقاء على أوضاع بالية بحكم الاعتياد، إلى ما يتناسب مع عالم جديد شديد الاختلاف عن عالم رسمته حينها تداعيات الحرب العالمية الثانية. تلك الحرب التي لم يكتفِ المنتصرون فيها بكتابة التاريخ، وهو المكسب المعتاد للمنتصر، ولكنهم وضعوا قواعد عمل لمستقبل ما بعد الحرب بمواثيق واتفاقات وأعراف ألزمت مؤسسات العمل الدولي بالعمل في نطاقها، دون تغيير ملموس يواكب ما طرأ على العالم من تغيرات منذ أربعينات القرن الماضي. وها هو العالم يتجاوز 80 عاماً من بداية تأسيس هذه المنظمات الدولية ليتم مائة عام في عام 2044، بقواعد عمل وأوزان متباينة وحقوق متفاوتة لا تناسب العصر وقواه الصاعدة.

أعجب أنه في عالم شديد التغير لا يدرك البعض ما صار عليه أحوال الأمم وتبدلها، فتجدهم وكأنَّ الزمان توقف عند لحظة للضعف أو القوة النسبية للدول دون تغيير. فعندهم الدول التي كانت كبرى يوماً ستظل متمتعة بممكنات التقدم ومظاهر القوة إلى ما لا نهاية. وإن هي ظهرت عليها أمارات الوهن سارعوا بإنكارها، وتباروا في تبريرها بأنها من العوارض المؤقتة. ومن المشاهد المألوفة أن التابعين لتلك الدول المتبوعة ذات المجد القديم يكونون من الأكثر نكراناً للحقيقة الساطعة بزوال أمارات القوة والمجد عنها، رغم أن أهلها أنفسهم يعترفون قولاً وعملاً بأن يومهم أقل شأناً من أمسهم الماجد.

ندرك ما أصاب مجلس الأمن من شلل منعه من حسم أخطر ما يواجه عالمنا من حروب دامية وصراعات، ناهيك عما يهدد السلم الدولي من قضايا وجودية مثل المياه، وأخرى بازغة مثل الأمن السيبراني وحوكمة الفضاء الخارجي والتنافس على موارده. ونعرف أن حفظ السلام وقواته، التي تقوم بعمل حيوي لا غنى عنه، تعاني من ضعف التمويل. ونعلم أن اتفاق باريس للمناخ وتعهداته، وما استجد عليها بعد قمم المناخ السنوية المنعقدة منذئذ، لم يفلح في تخفيف الانبعاثات الضارة بالأرض ومن وما عليها لضعف التمويل وتقييد التعاون التكنولوجي في مجالات العمل المناخي وضعف المحاسبية والحوكمة. ونعلم أن أقل من 15 في المائة فقط من أهداف التنمية المستدامة في مسارها للتحقق مع حلول عام 2030، وأن باقي الأهداف إما منحرف عن المسار أو أكثر سوءاً مقارنة بالوضع عند نقطة البداية في 2015.

يتكرر ذكر مقولة «إن لم توجد مؤسسات العمل الدولي الحالية لأوجدناها». لا بأس بها من مقولة فلا بديل للتعاون الدولي ومؤسساته متعددة الأطراف إلا نزاعات وصراعات ومزيد من الحروب المدمرة. ولكن فاعلية المؤسسات الدولية مرهونة بمصداقيتها وشرعيتها وقبولها العام وكفاءة حوكمتها، فضلاً عن كفاية مصادرها التمويلية المطلوبة لمساندة جهود العاملين بها؛ وهم من أفضل الكفاءات في مجالاتهم وإن احتاجت كوادرهم المزيد من مشاركة أبناء عالم الجنوب الأكثر دراية بشعابهم وأولويات مجتمعاتهم.

قد يتسرع البعض في الحكم بأن موضوعات قمة المستقبل لم تأتِ بجديد؛ فلسنا هنا في مجال للصرعات التي يتلقفها البعض ثم يلقيها كفعلهم بتقاليع الأزياء والإكسسوارات. فقضايا العدل والسلم والأمن والحق في التنمية قديمة قدم بزوغ الحضارات، ولكن نهج الوصول إليها ومعالمه وأدواته وتوازناته يتغير بتغير العصر وملابساته. والحلول والسياسات المختلفة مطروحة في قمة المستقبل لتضع قيادات العالم أمام مسؤولياتهم، والاختيار يكاد يكون بين أمرين في كل حالة لا ثالث لهما: سلم أم حرب؛ أمن أم فوضى؛ تقدم وتنمية أم تخلف وفقر.

في ظل أجواء التحديات الجيوسياسية والحروب الراهنة وسفك الدماء بلا جريرة، وزيادة الموجات العنصرية التي تؤججها أزمات اقتصادية وخطاب شعبوي أجوف تردده ألسنة متهافتين على كراسي الحكم، قد يستحيل التوصل إلى طموحات ينشدها ذوو العقول والضمائر. ولكن تذكرنا مقولة الزعامة الأفريقية الاستثنائية الممثلة في نيلسون مانديلا «يبدو الأمر مستحيلاً حتى يحدث». وقد شهدنا من المستحيلات السيئة صنوفاً تحدث، فلعل قمة المستقبل تأتي ببداية لصنف حميد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن تسوية الملعب الدولي قمة المستقبل عن تسوية الملعب الدولي قمة المستقبل



GMT 15:29 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

المشهد من موسكو

GMT 15:28 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

طارق السويدان وزمان «الإخوان»

GMT 15:19 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

لبنان دولة للضيوف لا لأهلها

GMT 15:17 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

الفلسطينيون... مأزق السلاح والسياسة

GMT 15:15 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أم كلثوم و«الست» منى زكي!

GMT 15:12 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«أم كلثوم» فى «البحر الأحمر»!!

GMT 15:08 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

هذا ليس من شأنك

GMT 15:06 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

جائزة الفيفا فى النفاق

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 02:04 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن قرب انطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة
  مصر اليوم - نتنياهو يعلن قرب انطلاق المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 10:53 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:04 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 10:50 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 11:18 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 02:42 2025 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لأجمل بدلات للرجل الأنيق في خزانته

GMT 08:28 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 01:23 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

فيرستابن يحسم سباق كندا ويعزز صدارته للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt