توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأحزاب الأصولية ودعايات التمدّن

  مصر اليوم -

الأحزاب الأصولية ودعايات التمدّن

بقلم : فهد سليمان الشقيران

مع كل موجةِ تحوّل يشيع توليد اشتقاقاتٍ لغوية بغية إنقاذ الأصوليين المتضررين من طوفان الحدَث أياً كان. هي حيلةٌ ماكرة تساهم فيها دول يطيب لها تعافي الأحزاب الأصولية من كبواتها، لتستعيد استعمالها ويدور في فلكها مراكز أبحاثٍ ومنصات متلفزة، وحسابات سوشيالية، والهدف الأساسي طأطأة الرأس أمام الريح الصرصر العاتية، ومن ثم معاودة النهوض لممارسة العمل الميداني العملي الآيديولوجي القديم.

تلك شنشنةٌ نعرفها من أخزم. الآن تعود هذه الحيلة الرديئة إلى المشهد ولكن بنسخةٍ ضعيفة، ثمة محاضرات وكتابات تتحدث عن إمكانيّة تأقلم الإخوان مع الدول التنموية والقيام بمراجعاتٍ معيّنة! والبعض الآخر يرى لـ«حزب الله» مستقبلاً مدنياً للمشاركة في السلطة ومن ثم التنمية وإعادة الإعمار!

وهذه المقولات الشعبية علاوة على مكرها، فهي تعبّر عن جهلٍ في أدبيات الإسلام السياسي، وفي أصول آيديولوجيتهم العنفية. الخلاف بين الحزب الأصولي والآخر المدني ليس على برامج عمل، أو قانون انتخاب، أو أولوية مشروع، الخلاف أعمق من ذلك بكثير.

الحزب المدني يؤمن بالدولة ومشروعيتها وقوانينها ودستورها وجيشها وقضائها وكل مؤسساتها. الحزب الأصولي يؤمن بمفاهيم وخرافاتٍ وأحلامٍ وأوهام. مجرد حلم يراه في المنام يفسره في النهار ليُطبق على مصير أمةٍ ومجتمعٍ وشعب، ولربما بدأ أحدهم حرباً بعد حلمٍ رآه في قيلولة!

الحزب المدني يؤمن بالحياة والتنمية، ويعترف بالدنيا. الأصولي يحارب الحياة ويشيع ثقافة الانتحار والموت. الحزب المدني يعترف بالعلم لا الخرافة، بالقانون، لا القنبلة والسيف والصاروخ وإسقاط الطائرات وحرق السفارات.

من هنا أذكّر بما كتبه الأستاذ يوسف الديني في مقالةٍ بهذه الجريدة بعنوان«(الإخوان): بيان على حافة القفز من القارب». الديني حلل البيان الأخير لجماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا، الصادر عقب اجتماع مجلس شورى الجماعة في 7 أغسطس (آب). رأى أنه: «وفي المشهد الأوسع، فإن خطوة (الإخوان) الأخيرة ليست استثناءً في سلوك الإسلام السياسي، الذي اعتاد تاريخياً استغلال اللحظات السياسية الحرجة للقفز على المراحل، وتوظيف الأزمات لإعادة التموضع». يضيف: «التحول نحو دولة راشدة ليس مساراً تلقائياً، بل يحتاج إلى قرارات شجاعة، وأخذ زمام المبادرة، والانتقال الحقيقي من ذهنية الثورة إلى عقلانية الدولة؛ حيث تغلب مؤسسات الحكم، وسيادة القانون، والمصلحة الوطنية الجامعة، على نزعات المغالبة، واستبدال المشاركة وبناء هوية وطنية جامعة بها».

هذا يصحّ على فروع «الإخوان» ونسخها وأذرعها في كل مكان. رأينا ارتباكهم وبخاصةٍ في أوروبا وأميركا بعد أن كشف السيناتور كروز عن مشروع قانون لتصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية. إذ يُلزم مشروع القانون الجديد «وزير الخارجية بتصنيف فروع (الإخوان المسلمين) المصنفة كجماعات إرهابية، وتصنيف فروع إضافية تستوفي المعايير ذات الصلة، ويفرض تصنيف جماعة (الإخوان المسلمين) العالمية لدعمها تلك الجماعات الإرهابية».

الضربات التي تلقتْها جماعة «الإخوان» بأذرعها وفروعها خلال السنتين كانت أساسيّة للجْم الجماعة ميدانياً، ومن ثم البناء على ذلك لتقييد فاعليتها الاجتماعية، ومنع نفوذها السياسي، وتجريمها قانونياً في الإقليم والعالم. فرصة سانحة للعالم أن يجعل البشرية أكثر أماناً وأن يقتلع هذه النبتة السيئة التي وعى الكبار خطرها في وقتٍ مبكر.

كذلك الأمر بالنسبة لـ«حزب الله» الذي يهدد أو يستعد لخوض حربٍ أهلية ضد الطوائف الأخرى المسيحية والإسلامية في لبنان، وذلك بعد أن أعلن أمينه العام للبنانيين عن «نهاية الحياة» في لبنان، وأن المعادلة كالتالي: «إما أن يبقى (حزب الله) ويبقى لبنان، أو أن ينتهي (حزب الله) ولبنان معاً».

السؤال: أي تمدين ينتظر من هذه الآيديولوجية الكارثية الشمولية؟!

الخلاصة أن التجربة التاريخية مع الأصوليّة تؤكد لنا أن هذه الأحزاب ماكرة؛ لديها قدرة على التأقلم واختيار التوقيت للانقضاض، وعليه فإن الوعيَ بمحاولات ضخّ خطابات التمدين أو التصحيح أو المراجعات ضروري؛ لئلا نلدغ من الجحر مرتين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحزاب الأصولية ودعايات التمدّن الأحزاب الأصولية ودعايات التمدّن



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt