توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مادورو على توقيت ترمب

  مصر اليوم -

مادورو على توقيت ترمب

بقلم:غسان شربل

كان ذلك في عام 2000. قاد صدام حسين السيارة بنفسه وجلس ضيفه هوغو شافيز إلى جانبه. أخذ الرئيس العراقي نظيره الفنزويلي في جولة ببغداد شملت ضفاف دجلة. ناقش الرجلان حلم «عالم متعدد الأقطاب»، ونددا بالهيمنة الأميركية، واتفقا على التنسيق فيما يتعلق بأسعار النفط.

في تلك الأيام، كان لمن يرفع قبضته في وجه أميركا أصدقاء في العالم. ربطت شافيز «صداقة حميمة» بمعمر القذافي الذي كان يقلد فيديل كاسترو في محاولته إضرام النار في الرداء الأميركي المنتشر على مدى القارات. ويتذكر نوري المسماري أمين المراسم الليبي و«ظل العقيد»، زيارة قام بها كاسترو إلى ليبيا. يقول: «كان القذافي معجباً بكاسترو وقد ساعده كثيراً. في اليوم الأخير من زيارة له إلى ليبيا توفيت عائشة والدة العقيد. سألت الزعيم الكوبي إن كان يريد أن يعزيه فحضر إلى مكتبه. قال له: أنا مستغرب، والدتك توفيت وتتعامل مع الأمر بشكل عادي؟ فرد معمر: هذا قدر وساعتها حانت». كان يجمع الرجلين خيط متين هو العداء لأميركا.

يتمتم نيكولاس مادورو كي لا يسمع الحراس. كاسترو محظوظ لأنه لم يسقط في أيديهم. وشافيز محظوظ لأنه قتل على يد السرطان لا على يد «المارينز». كانت لكاسترو حصانة سوفياتية، وظلت صالحة حتى بعد الانهيار الكبير. اليوم الاتحاد السوفياتي يتثاءب في المتاحف. وفلاديمير بوتين يجلس على عرش كاترين الثانية وبطرس الأكبر، لا على عرش لينين وستالين. غزو أوكرانيا طعنة محدودة في جسد الغرب على رغم معانيها. يستحق قتيل بحجم الإمبراطورية السوفياتية ثأراً أكبر وأشمل، لكن هذه الأيام لا تشبه تلك الأيام.

بعد إعلان دونالد ترمب إغلاق الأجواء الفنزويلية تحلق أركان الأمن حول مادورو. أعربوا عن تصميمهم وثقتهم. لكنه شم رائحة قلق. ماذا يريد ترمب؟ لا أحد يعرف بدقة ماذا يريد. هل يريد صفقة؟ وما الثمن؟ هل يريد توجيه ضربة؟ وما القدرة على الرد؟

أقلقه تصوير النظام كمصنع هائل للمخدرات. تذكر أنه قبل عام واحد كان اسم الرئيس السوري بشار الأسد. وكان بين التهم الموجهة إلى نظامه أنه مصنع هائل للكبتاغون. يعرف أن بعض أنصاره يقولون «مادورو إلى الأبد» و«مادورو أو نحرق البلد»، لكن هذه العبارات لا تكفي حين تكون المواجهة مع أميركا سيدة الأساطيل وصاحبة الاقتصاد الأول في العالم. تزيد من ضراوة المعركة صعوبة التكهن باتجاهات الرياح التي يطلقها الرجل الجالس في المكتب البيضاوي مع ربطة عنق حمراء وقدرة على إطلاق تغريدات أشد إيذاء من الصواريخ.

ما أصعب أن تكون عدواً لأميركا، خصوصاً إذا كنت تقيم على مقربة منها. وربما تضاعف ثروتك رغبة الشرطي الأميركي في معاقبتك على سياساتك وقاموس العداء للقوة العظمى الوحيدة.

ما أصعب أن تكون عدواً لأميركا. ذاكرتها إلكترونية ولا ينتابها النسيان. قتلت الاتحاد السوفياتي بالنموذج والنوافذ المفتوحة والإعلام. لم تطلق رصاصة ولم ترق قطرة دم. ثم أين صدام حسين؟ وأين معمر القذافي؟ وأين قاسم سليماني؟ وأين أسامة بن لادن؟ وأين «أبو بكر البغدادي»؟

الاتهامات كثيرة. يتهمونه برعاية ورشة المخدرات لتسميم ملايين الأميركيين، وبتزوير الانتخابات واعتماد شعار القصر أو القبر، وبنسج الخيوط مع موسكو وبكين وطهران وكل أعداء أميركا ونموذجها ودورها وهيمنتها. يتهمونه أيضاً بالمسؤولية عن بقاء بحر من الفقراء في بلاد تنام فوق بحر النفط، وبالتسبب في هجرة ملايين الفنزويليين احتجاجاً على اللعبة السوداء التي تكرر نفسها. ليس بسيطاً أن يصبح من يعتبر نفسه وريثاً لأحلام سيمون بوليفار ومسيرة كاسترو وشافيز، متهماً بتصنيع المخدرات وتصديرها. تدهور العملة، وتدهور الهالة، واقتراب الرصيد من النفاد.

يزوره الغضب. أنا لست مانويل نورييغا الذي اجتاحت أميركا بلاده بنما ونقلته وحاكمته وسجنته. لا فنزويلا بنما، ولا أنا نورييغا. في مسدسي طلقات وأحتفظ بالأخيرة لصدغي. لن أسمح لوسائل الإعلام بالتلذذ برؤيتي جالساً في قفص الاتهام، ولن أسمح لهذه المعارضة التي يرعاها الخارج أن تحتل الشوارع وتقتلع النظام الممانع. أنا جئت من صفوف الشعب. كنت سائق باص وخبرت أحياء كاراكاس ومعاناة أهلها. سلكت طريق النقابات العمالية واعتنقت الحلم البوليفاري. أدرك شافيز حين عاوده السرطان أنني الرجل الذي يمكن أن يؤتمن على القلعة وحمايتها من الرياح التي تهب من واشنطن. التفويض الحقيقي لا يأتي من صناديق الاقتراع. يأتي من روح الأمة.

ترمب صاحب مزاج وأسلوب. اعتبر تصدير المخدرات نوعاً من تصدير الإرهاب. اتهمت إدارة ترمب مادورو شخصياً بإدارة «كارتيل الشمس»، واعتبرته منظمة إرهابية أجنبية. ألمح الرئيس الأميركي إلى «عمل بري وشيك» بعدما قلب قوارب المهربين وطفت دماؤهم فوق مياه الكاريبي.

تجمعت نذر العاصفة. الرجل الذي أرسل القاذفات لتدك المنشآت النووية الإيرانية قد لا يتردد في استخدامها في قصف مصانع المخدرات. ظهور النظام عاجزاً قد يغري المعارضة بشل البلاد للتخلص من وريث شافيز. هل يستطيع مادورو العثور على صفقة مع سيد البيت الأبيض؟ أم يفضل إرضاء بوليفار وشافيز ويتمسك بخيار القصر أو القبر؟ يعيش مادورو على توقيت ترمب، وساعة الرئيس الأميركي ولادة للمفاجآت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مادورو على توقيت ترمب مادورو على توقيت ترمب



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt