توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرياض... وتغيير القواعد القديمة

  مصر اليوم -

الرياض وتغيير القواعد القديمة

بقلم: نبيل عمرو

اهتم العالم بمغزى الاستقبال الاستثنائي الذي نُظّم لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في زيارته للولايات المتحدة.

قبل القيام بها، انشغل العالم في استنتاج جدول أعمالها والخلاصات التي ستتمخض عنها، وذلك بحكم تزاحم القضايا الساخنة على الساحة العالمية وصلة المملكة بها.

تعوّد البيت الأبيض على أن يكون مزاراً لكل طالبي الدعم والمساعدة، وأن يتصرف سيده وفق مبدأ اليد العليا التي تجود أو لا تجود على اليد السفلى، وكان كثيرٌ من رؤساء الدول ينتظرون لفتراتٍ طويلةٍ دخول المكتب البيضاوي، ولو لمجرد الصورة والمصافحة بما يكفي لإطالة العمر في الحكم أو تقصيره.

مع الأمير محمد بن سلمان، تغيرت القواعد القديمة في العلاقة مع البيت الأبيض وساكنيه، وكان أن افتتح رئيس أقوى دولةٍ في العالم زياراته الرسمية الخارجية بزيارةٍ للمملكة، ولهذا الخيار مغزاه اللافت الذي لم يخفَ على صنّاع السياسة الدولية.

في تقويم الدول والكيانات يُنظر للمملكة من زاويتين؛ الأولى وهي الأهم، كيف هو وضعها الداخلي من حيث الأمن والاستقرار ووتيرة التنمية، والثانية كيف وعلى أي أساس تدار علاقتها بالدول الأخرى، ومواقفها من القضايا التي ينشغل العالم بها.

في الحالتين كلتيهما، نجحت المملكة وفي زمنٍ قياسي، في ترتيب بيتها الداخلي بتجديده وتمتين أساسات دولته، وتطوير الحياة فيها، كما نجحت في تطبيق مبدأ «صفر مشاكل» مع دول الجوار، على نحوٍ أهّلها بأن تكون وسيطاً فعّالاً في جميع الصراعات التي تجتاح العالم.

في الشرق الأوسط المكتظ بحقول الألغام، والساحة الأكثر إنتاجاً للحروب والاضطرابات الداخلية والبينية، وبعد تكريس مبدأ «صفر مشاكل»، صارت المملكة دولةً مرغوبةً في المساعدة على إطفاء الحرائق، بعد أن نأت بنفسها عن معادلة المع أو الضد، لتكون الأكثر تأهيلاً في صناعة الحلول؛ بما في ذلك حل القضية الفلسطينية المزمنة التي عاشتها المملكة منذ تأسيسها وعلى مدى مسيرتها والتزمت بحلها بما يرضي شعبها.

بتوجيه من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز صاحب الباع الطويل والتجربة الغنية في قضايا المنطقة، أسس الأمير محمد بن سلمان لسياسةٍ جديدةٍ تجاه القضية الفلسطينية، تجاوزت مبدأ المع أو الضد، إلى طرح حلولٍ يصعب حتى على الخصم اعتراضها، إذ أدخلت القضية الفلسطينية من بابٍ يتفهمه العالم كله؛ وهو أن بقاءها من دون حل سيكون مستنبت حروبٍ لا تتوقف، بما تحمله من ضررٍ مستمر للمصالح الدولية المتجمعة في الشرق الأوسط.

وبالنسبة لإسرائيل، كانت المملكة قبل الأمير محمد بن سلمان وبتأثيرٍ من والده الملك سلمان، وقيادة المملكة، أنتجت سياسةً جديدةً أجابت عن سؤال كان بمثابة ذريعةٍ لكثير من دول العالم، كي يبرروا سلبيتهم تجاه حل القضية؛ وهي أن ليس للعرب موقف ولا سياسة موحدة منها، فكان أن ولدت المبادرة السعودية للسلام التي وصفها المرحوم ياسر عرفات بالمستنيرة، وما لبثت أن تحولت إلى عربيةٍ وإسلاميةٍ.

المبادرة السعودية جددها الأمير محمد بن سلمان في الوقت المناسب من دون إخلالٍ بالأساس الذي قامت عليه، وحين طُرح مسار التطبيع وضعت المملكة المبادرة العربية الإسلامية بوصفها أساساً للتعامل معه، ما أظهر الفائدة السياسية لإنتاجها المبكر.

لم تكتفِ المملكة بالثبات على الموقف المحدد بوضوح في مبادرة السلام القديمة؛ بل دعمتها وجددتها بجهدٍ سياسيٍ فعّال، من خلال رعايتها لقمم عديدةٍ كانت القضية الفلسطينية وبمنطق السلام حاضرةً بقوةٍ فيها، ليتطور الأمر خارج النطاق العربي الإسلامي بإنتاج استقطابٍ دوليٍ شاملٍ حول حل الدولتين، ما يعني حتمية قيام الدولة التي لم تقم.

أثمر هذا الاستقطاب الكوني اعترافاتٍ دوليةً واسعة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته، وتجسّد ذلك بالمؤتمر الدولي الذي حمل عنوان الدولة الفلسطينية، وكان إشراك فرنسا في رئاسته عملاً ذكياً ساعد في جعل مسألة الدولة الفلسطينية مسألة إجماعٍ عالمي، وذلك بعد الانضمام الأوروبي بالمشاركة والاعتراف المسبق.

في الزيارة الأخيرة لأميركا، لم يظهر الأمير محمد بن سلمان بمظهر من يطالب بشيء وينتظر السماح أو المنع؛ بل كان حضوره شكلاً ومضموناً حضور طرفٍ في علاقةٍ فعّالة، تعطي وتأخذ؛ سواء على المستوى الأمني الاستراتيجي أو على مستوى الاستثمارات المتبادلة بمختلف أنواعها، أمّا حكاية التطبيع فقد ظلّ الموقف السعودي ثابتاً منها، وصار القبول به أو التعايش معه من قبل المعترضين عليه أمراً منطقياً، ومن دون الإفراط في اعتبار أعقد قضية في التاريخ قد حُلّت، فلا جدال على أنها دخلت مرحلةً جديدةً صارت فيها احتمالات الحل أكثر واقعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض وتغيير القواعد القديمة الرياض وتغيير القواعد القديمة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt