توقيت القاهرة المحلي 06:59:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأزمة الاقتصادية».. تبدد حلم جنة إسرائيل

  مصر اليوم -

«الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل

بقلم - جيهان فوزى

الحرب على غزة ليست نزهة لإسرائيل، ولا انتصاراً تحاول ترويجه للإسرائيليين بجلب الأمن والأمان الدائم لهم، بل إن الثمن الذى ينتظر إسرائيل على المستويين السياسى والاقتصادى باهظ التكاليف، خسرت إسرائيل سياسياً الكثير من الدعم والتعاطف الغربى سواء كان على المستوى الشعبى أو الرسمى، بينما يتأزم وضعها الاقتصادى بشكل غير مسبوق بسبب الحرب على غزة، وبعد أن فجرت وكالة موديز قنبلة إضافية أخرى ضد إسرائيل، عندما خفضت تصنيفها الائتمانى من A مكرر إلى A مفردة، استناداً إلى المؤشرات الدقيقة بتفاقم العجز فى ميزان المدفوعات من فائض قدره 4 مليارات دولار فى العام الماضى، إلى عجز قدره 6 مليارات دولار فى العام الجارى، فضلاً عن ارتفاع الدين العام إلى ما يقارب 300 مليار دولار، يمثل الدين الخارجى منها 15% وذلك بسبب الحرب على غزة.

وقد زادت وكالة فيتش الطين بلة عندما أكدت فى تقريرها الصادر قبل أسبوعين ما ذهبت إليه موديز، لكنها أضافت أن تصاعد مخاطر اندلاع حرب فى شمال إسرائيل مع حزب الله يلقى ظلالاً من الشكوك على قدرة الاقتصاد الإسرائيلى على احتمال المخاطر المترتبة على اتساع نطاق الحرب.

وذهبت إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادى الإسرائيلى الحالى سيفضى حتماً إلى اضطرابات داخلية عميقة استناداً إلى ثلاثة مؤشرات: أولها تخفيض نسبة المدفوعات للحماية الاجتماعية، وثانيها رفع أسعار الفائدة، وثالثها انسحاب 19% من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الأسواق، وتلك المؤشرات بمجملها تعنى نقصاً فى الدخل الذى كانت توفره الدولة للشرائح السكانية الواسعة المقبولة فى نظام التأمين الاجتماعى، ونقصاً فى القدرة على الاقتراض الاستثمارى من البنوك بسبب الفائدة المرتفعة، وزيادة نسبة البطالة المترتبة على مجموع هذه العوامل.

إن الاقتصاد الإسرائيلى بقاعدته الصناعية والإنتاجية والقوية والمتنامية، يمكنه احتمال الهزات الناجمة عن الحرب لفترة قد تستمر أشهراً، لكنه الآن وبعد أن دخلت الحرب شهرها السادس بدأ بالانكشاف أمام تحديات لم يألفها، ولم يسبق أن تعامل معها منذ عام 1973 عندما قادته حرب أكتوبر إلى ركود دام ما يقارب 10 سنوات.

ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية بغطرستها المعهودة، تراهن أولاً وقبل كل شىء على أن الجزء الأكبر من مستورداتها الحربية، سيكون بمثابة هبات مجانية من الدول الحليفة والصديقة وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، غير أن المشكلة هى أن الإنفاق على الحرب لا يتعلق بتلك المستوردات، إنما يتعلق بأوجه الإنفاق الأخرى التى تعتبر من الآثار الجانبية للحرب، مثل تعويضات المصابين والمعاقين وإسكان النازحين من مستوطنات الشمال على الحدود اللبنانية، والجنوب مع غلاف غزة، ودعم الشركات التى فشلت فى المحافظة على قدراتها الإنتاجية بسبب استدعاء موظفيها وعمالها إلى الجيش كقوة احتياط، وهذا رفع الإنفاق الجانبى من 24 مليار دولار إلى 40 مليار دولار، وسيرتفع أكثر إلى ما يقارب 55 مليار دولار، إذا ما اتسع نطاق الحرب ليشمل جنوب لبنان.

لكن لا يبدو المجتمع السياسى الإسرائيلى قلقاً إزاء تلك المؤشرات، فقد بُرمج عقل الناخب الإسرائيلى على الخوف من مخاطر حرب وجودية، تمس أسس وجود واستمرار الدولة اليهودية، لذا فمن المحتمل أن يتقبل الشارع الإسرائيلى بعض التضحيات التى يمكن وضعها أو تصنيفها ضمن مميزات الرفاهية العامة، لكن جزءاً من هذا المجتمع فقد القدرة على الاحتمال يقدر بنحو 900 ألف إسرائيلى، غادروا البلاد فعلاً سواء بشكل دائم أو مؤقت ولأسباب عدة، بعضها يتعلق بالخوف وأخرى تتعلق بالثقة فى المستقبل، وثالثة رغم محدوديتها تتعلق بصحوة الضمير. ومع ذلك لا يزال وزير المالية الإسرائيلية «بتسيلئل سموتريتش» يعاند الحقائق ويصر على أن تقديرات المؤسسات الائتمانية الدولية متسرعة وتفتقر إلى الدقة والموضوعية، وما زالت الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن حجم الدين الخارجى الذى لا يزيد الآن على 42 مليار دولار يتيح لها اقتحام سوق السندات ليس لتعويض العجز فى ميزان المدفوعات فقط، بل لتوفير احتياطى نقدى أجنبى لمواجهة احتمالات استطالة أمد الحرب أو توسعها، لكن سيكون هذا بالتأكيد على حساب مستوى الرفاهية التى تمتع بها الإسرائيليون منذ نهاية التسعينات وحتى الآن.

وباعتبار أن إسرائيل لم تتمكن من اجتذاب يهود العالم إلا بما تقدمه من حوافز لأولئك المهاجرين الجدد، فإن النقص الحاد فى مستوى الرفاهية الذى تعودوا عليه سيدفع أولئك المهاجرين إلى إعادة النظر فى قرارهم التوطن فى الجنة الموعودة. ويبدو أن «نتنياهو» فى قراره شن هذه الحرب الوحشية على غزة، لم يدر فى خلده أن هناك أثماناً غير محسوبة ولا معلنة ستضطر إسرائيل إلى دفعها من حاضرها ومستقبلها كنتيجة مباشرة لتلك الحرب، وهو فى الحقيقة أمر مألوف لدى معظم القادة العسكريين والسياسيين فى إسرائيل المحكومين بعقدة القوة والرغبة الجامحة فى السيطرة، ومثل هؤلاء يعجزون عن إدراك الصورة الشاملة للحرب التى يشعلون فتيلها، ولا يستطيعون تخيل النتائج الكارثية المترتبة على استمرار الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل «الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 01:26 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon