بقلم - أمينة خيري
هل هناك ما يجمع بين تكرار سقوط العمال من على سقالات على مدار عقود، وبين إخفاق المنتخب المصرى فى كأس العرب، وغيره من الكؤوس والبطولات، وبين غرق السباح الطفل يوسف، وبين حوادث الاعتداء الجنسى على أطفال فى مدارس خاصة، مع العلم أن اقتصار الأمر على المدارس الخاصة لا يعنى بأى حال من الأحوال عدم امتداده إلى المدارس الحكومية، ربما يعنى اختلافات فى ثقافة المجاهرة والخوف من الوصمة، وبين حوادث سير قاتلة باتت سمة من سمات الحياة اليومية، وبين قتل العرائس والفتيات للشك فى السلوك أو لأن الدماء لم تتفجر فى ليلة الزفاف، وبين مهزلة المشهد الانتخابى من ألفه إلى يائه، وبين الانفجار المروع فى إمبابة والذى تراوحت أسبابه (بينما ننتظر نتائج التحقيقات) بين تسريب ماسورة غاز وانفجار أنبوبة بوتاجاز، وبين «شيخ» يدلو بدلوه فى الإعلام ويتحدث عن الجن سارق الطعام، وكيف أن على المؤمن أن يترك فى العظام الملقاة فى القمامة شيئا يؤكل لأنها طعام الجن المؤمن، وبين الفوضى العارمة فى منظومة «التاكسى الأبيض»، وبين إشغالات الأرصفة وحرم الشوارع التى لا تتوقف، وبين انتشار ظاهرة الأطباء المعالجين عبر منصات السوشيال ميديا؟.
يبدو كل مما سبق مسألة منفصلة عن الأخرى. طبيب ينصح بأدوية لمريض يشرح له الأعراض عبر حسابه على «تيك توك»، والمريض يتوجه إلى الصيدلية، يشترى الأدوية، ويشكر الطبيب. انتخابات تجرى، ثم تعاد، ثم تعلن النتائج، وأودية وهضاب وجبال تفصل بينها وبين الشعب، مفاهيم مغلوطة وحقن فكرية مسمومة يتم حقن البسطاء بها عبر مدعى دين وفضيلة، تجعل الزوج لا يتوانى عن فصل رأس زوجته أو ابنته أو ابنة عمته عن جسدها لشك فى السلوك أو العذرية، اعتداءات جنسية تحدث على مدار شهور، وربما سنوات، والضحايا أطفال ذكور وإناث دون سن السادسة، وحجج «أصل لبسها مش محترم» و«شوف ماشية إزاى» و«أصلها بتضحك بصوت عال» المزرية تخرس ولا تعتذر عما اقترفته، تاكسى أبيض توقف تماما عن تشغيل العداد ولا يتوانى السائق عن شتم الراكب، ولو الراكب امرأة، يهددها ويروعها لخلاف على الأجرة مع موت تام لعداد لا يسأل عنه أحد، أرصفة محتلة بالكامل من قبل باعة أرصفة، أو مقاعد وطاولات مقاهى أو قراطيس وطوب، وهى الإشغالات التى تعود قبل أن تصل حملة «البلدية» أول الشارع، تحول خبر سقوط عمال من أعلى سقالة إلى بند شبه يومى، منه ما يصل إلى الإعلام ومنه ما يكتفى بالوصول إلى المشرحة، حوادث سير مميتة تناطح الطرق والكبارى غير المسبوقة التى نقلت مصر نقلة عظيمة فى سنوات قليلة، وتطلع لها لسانها، وعداد القتلى والمصابين لا يتوقف.
هل هناك ما يجمع بين كل ما سبق؟ هل هى أوضاع اقتصادية صعبة تدفع الناس إلى التنفيس بعنف؟ هل هو انفتاح غير منضبط على السوشيال ميديا؟ هل هو غياب الوازع الدين؟. وللحديث بقية.