توقيت القاهرة المحلي 08:30:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بارّاك للّبنانيّين: تعلّموا من الحدث السّوريّ!

  مصر اليوم -

بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ

بقلم - خيرالله خيرالله

خلاصة كلام المبعوث الأميركي توم بارّاك أنّ “الحزب” مشكلة لبنانية وأنّ لبنان يستطيع، في حال امتلاكه ما يكفي من الإرادة، اللحاق بالقطار الذي اسمه التحوّلات التي تشهدها المنطقة، لأنّه يمتلك ما يسمح له بذلك. قدّم بارّاك هدايا عدّة لـ”الحزب” بدءاً بالتساؤل: “أليس حزباً سياسيّاً في لبنان؟ هل تعتقدون أنّ دولة أخرى ستقوم بحلّ حزب سياسي في دولة تتمتّع بالسيادة؟ هذه مشكلتكم عليكم حلّها”.

 

وضع بارّاك الكرة في الملعب اللبناني عن قصد. تجاهل، عن سابق تصوّر وتصميم، ما يعرفه أيّ طفل لبناني، أي أنّ “الحزب” ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني. اعترف بذلك الراحل حسن نصرالله الذي قال صراحة، قبل سنوات قليلة في تاريخ لم يمرّ عليه الزمن، إنّ كلّ ما لدى “الحزب”، بما في ذلك “معاشاتنا”، يأتي من “الجمهوريّة الإسلاميّة”.

ليست صدفة إشارة المبعوث الأميركي غير مرّة، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في القصر الجمهوري، إلى الوضع السوري. تحدّث عن عمق التغيير في سوريا من جهة، وعن أنّ على لبنان أخذ العلم بذلك من جهة أخرى. من الواضح أنّ بارّاك ينظر إلى لبنان من زاوية إقليمية. يرى أنّ اللعبة الدائرة في المنطقة تتجاوز لبنان. هذا على الأقلّ ما يبدو أنّه يراه من منظار وجوده في أنقرة سفيراً للولايات المتّحدة فيها، وأنّه مبعوث رئاسي إلى سوريا، وبالتالي إلى لبنان، في الوقت ذاته.

أزاح بارّاك مورغان أورتاغوس المبعوثة السابقة للإدارة الأميركية إلى لبنان. بات ملفّ لبنان في جيبه بعدما تولّى بنفسه رفع العلم الأميركي لدى إعادة فتح سفارة الولايات المتّحدة في دمشق. ترسم كلّ حركة من تحرّكات توم بارّاك رمزاً ما لا يمكن فكّه أو فهم أبعاده من دون النظر إلى اللعبة الإقليمية ككلّ.

لم يكن فرار بشّار الأسد إلى موسكو حدثاً عاديّاً بمقدار ما أنّه تحوّل تاريخي على مستوى المنطقة كلّها
بيانان سوريّ وإسرائيليّ

فيما كان المبعوث الأميركي في بيروت، كان الرئيس السوري أحمد الشرع في أبو ظبي، عرّابة الاتّفاقات الإبراهيمية في المنطقة. وكان هناك بيانان أحدهما إسرائيلي والآخر سوريّ. تحدّثت إسرائيل عن اعتقال مجموعات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني في جنوب سوريا على يد مجموعة كوماندوس تسلّلت إلى داخل سوريا. تحدّثت سوريا بدورها عن أسر مجموعة أخرى من العناصر التابعة لـ”الحرس الثوري” في البوكمال وهي نقطة حدودية سوريّة – عراقيّة.

سبق لجوناتان باس، رجل الأعمال الأميركي، الذي زار دمشق قبل فترة قصيرة على رأس وفد من زعماء المنظّمات اليهودية الأميركيّة، أن كتب في صحيفة تصدر في نيويورك اسمها “جويش كرونيكل”، أنّ أحمد الشرع قال له أثناء لقاء بينهما إنّ “لدى سوريا وإسرائيل أعداءً مشتركين”. لم يصدر عن دمشق ما ينفي هذا الكلام. كوفئ أحمد الشرع على سلوكه الذي وضع مصلحة بلده فوق أيّ مصلحة أخرى، برفع “هيئة تحرير الشام” من القائمة الأميركيّة لـ”المنظّمات الإرهابية الأجنبيّة”.

الحزب

لم يخفِ الشرع في لقاء مع مسؤول لبناني كبير نوعاً من الإعجاب بالسادات وتفهّمه لِما قام به بدءاً بزيارة القدس في تشرين الثاني 1977 وصولاً إلى توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في آذار 1979.

لا هدايا مجّانيّة

لا وجود لهدايا مجانيّة في عالم السياسة. صحيح أنّ توم بارّاك سعى إلى إعطاء تطمينات إلى “الحزب” في شأن مستقبله السياسي، مشيراً، بطريقة غير مباشرة، إلى أنّ تسليمه سلاحه لا يعني شطبه من المعادلة السياسيّة اللبنانيّة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المبعوث الأميركي بعث برسالة واضحة إلى لبنان واللبنانيّين جميع اللبنانيين. فحوى الرسالة أنّ عليكم النظر إلى ما يدور في سوريا وكيف تتطوّر الأوضاع فيها بغية تحقيق الهدف المطلوب، أي الوصول إلى تسوية على مراحل مع إسرائيل.

سيحتاج “الحزب”، من دون شكّ، إلى بعض الوقت لاستيعاب أبعاد الحدث السوري ومعنى سقوط الدولة العلويّة
عاجلاً أم آجلاً، ليس أمام “الحزب” سوى استيعاب رسالة بارّاك… إلّا إذا كان يبحث، بطلب إيراني، عن ضربة إسرائيلية له وللبنان. سيحتاج “الحزب”، من دون شكّ، إلى بعض الوقت لاستيعاب أبعاد الحدث السوري ومعنى سقوط الدولة العلويّة التي استمرت من 23  شباط 1966 (الانقلاب الذي قاده صلاح جديد وحافظ الأسد) إلى 8 كانون الأوّل 2024.

لم يكن فرار بشّار الأسد إلى موسكو، يومذاك، حدثاً عاديّاً بمقدار ما أنّه تحوّل تاريخي على مستوى المنطقة كلّها. ليس خروج إيران من سوريا مزحة. ولا يمكن الاستخفاف بالدور المحوريّ الذي لعبته تركيا على صعيد التعجيل في حصول التغيير السوري عن طريق “هيئة تحرير الشام”. لا يمكن أخيراً تجاهل الثقل السعودي، إقليميّاً، في مرحلة ما بعد رحيل إيران عن سوريا وما حصل داخل إيران نفسها، ولا الدورين الإماراتي والقطري في ما يخصّ التحوّلات التي تشهدها المنطقة كلّها… من المحيط إلى الخليج.

عصا غليظة للفهم

تبقى نقطة أخيرة من المفيد التوقّف عندها. تتعلّق هذه النقطة بما إذا كانت إسرائيل على استعداد لتفهّم موقف توم بارّاك من ضرورة إعطاء “الحزب” الوقت الكافي للتخلّي عن سلاحه في كلّ لبنان.

إقرأ أيضاً: التّحدّي الدّاخليّ أهمّ من السّلام السّوريّ – الإسرائيليّ

اللافت أنّ الضربات الإسرائيليّة زادت مع وجود توم بارّاك في بيروت. كانت هذه الضربات، التي شملت أهدافاً في البقاع، بمنزلة عصا غليظة قد تساعد “الحزب”، ومن خلفه إيران، على فهم رسالة المبعوث الأميركي. تعني الرسالة، بين ما تعنيه، أنّ لبنان لا يستطيع السماح لنفسه، في حال كان يريد استعادة أراضيه التي تحتلّها إسرائيل ومباشرة إعادة إعمار قرى الجنوب، البقاء خارج الخطّ السوري الذي أخذ أحمد الشرع إلى أبو ظبي يوم عودة توم بارّاك إلى بيروت لتسلّم الردّ اللبناني على ورقته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ



GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt