توقيت القاهرة المحلي 20:26:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة التأسيسية

  مصر اليوم -

قصة التأسيسية

معتز بالله عبد الفتاح

الجمعية التأسيسية الحالية والسابقة والتالية (حال وجودها) هى قصة المصريين فى مطلع الألفية الثانية. وهى قصة ليست بعيدة عن قصص أخرى فى دول أخرى ولكن القصة المصرية لها مذاقها الخاص. وهى قصة ناتجة عن مفارقات.. هى أولاً، مفارقة الحزبى والوطنى؛ حيث إن تشكيل الجمعية من البداية هو تشكيل حزبى سياسى له عدد محدد يمثلون التيارين الكبيرين المحافظ والليبرالى، والمعيار هو مدى تمسك الطرفين بدور الدين فى الحياة العامة والتشريعية، وهنا تراجع عدد الممثلين للخلفية الوطنية غير الحزبية، والفنية المتخصصة. وكانت الصيغة الهشة التى قبلها الطرفان هى أن يمثل الإسلاميون بنسبة تساوى حوالى النصف ويمثل الليبراليون ومعهم مؤسسات الدولة بنسبة تساوى النصف الآخر. واعتبر كل طرف من البداية أن هذه التقسيمة فيها تنازل ضخم. الإسلاميون يرون أن نسبتهم فى البرلمان أكثر من 70 بالمائة وبالتالى هذه هى النسبة العادلة لهم، والليبراليون يرون أنهم بقبولهم أن يكون من بينهم مؤسسات الدولة يجعلهم يفقدون حوالى من 15 إلى 20 مقعداً. وكان الحل هو أن تكون نسبة التصويت مرتفعة عن النصف حال غياب التوافق. وصناعة التوافق بذاتها مسألة معقدة لأنه توافق على ما لا توافق فيه من وجهة نظر المتشددين أيديولوجياً. وهذا هو ما يأخذنا إلى المفارقة الثانية. ثانياً، مفارقة التشدد والمرونة؛ حيث إن قوى التشدد على الجانبين موجودة، وهى فى تشددها تعتقد أنها تتبنى مواقف وطنية؛ فالمحافظون يعتقدون أن الوطنية فى أن تكون عبارات من قبيل «شرع الله» «أحكام الشريعة» موجودة بكثرة لضمان ألا يخرج الدستور عن شرع الله، والليبراليون يعتقدون أن الوطنية فى أن تغيب هذه العبارات ليست بالضرورة رفضاً لشرع الله ولكن تحوطاً من أن تُستخدم هذه العبارات كأداوات لصناعة دولة كهنوتية. ثالثاً، مفارقة الدستورى والانتخابى هى معضلة ما بعد حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب؛ حيث كانت واحدة من ميزات «الانتخابات أولاً» أن الذين يضعون الدستور لن تكون عليهم ضغوط الانتخابات القادمة فى أعقاب إقرار الدستور. لكن مع حل مجلس الشعب، والحل المنتظر لمجلس الشورى، فإن المنتمين لقوى سياسية تريد أن تنافس فى الانتخابات القادمة يجدون أنهم مطالبون بأن يخدموا أنفسهم بمخاطبة قواعدهم من داخل الجمعية. وعليه فلن يقبل الليبراليون أن يفقدوا دعم قواعدهم فى الانتخابات القادمة بسبب قبولهم مواد تضع قواعد على الحقوق والحريات، ولن يقبل المحافظون أن يفقدوا دعم قواعدهم فى الانتخابات القادمة لأنهم لم ينجحوا فى أن يحققوا أى مكاسب ترتبط بضمان عدم مخالفة الشريعة الإسلامية فى التشريعات. بعبارة أخرى، نحن نعانى من عيوب بديلى «الدستور أولاً» و«الانتخابات أولاً» ولم نستفد من مميزات أى منهما. والسؤال: ما الحل؟ أولاً، لا أملك أن أنكر على من انسحب انسحابه ولا على من جمد عضويته تجميده لها؛ ببساطة هو غير قادر على أن يكون جزءاً من عملية كتابة دستور لا تعبر عن «مصر» التى يريد ويتمنى. ولكن عليهم مسئولية ألا يكون انسحابهم سلبياً، وإنما أن يكون إيجابياً بالعمل الجاد على طرح مسودة دستور بديلة تعبر عما يأملونه. وإن لم يفعلوا فالكرة ستظل فى ملعب القوى المحافظة. ثانياً، قلت وكررت أن مادة مبادئ الشريعة بالصيغة التى كانت عليها فى عام 1971 ليست مانعة من احترام أحكام الشريعة ولكنها كأى مادة دستورية أخرى تنقل كرة التشريع والتنفيذ إلى البرلمان والرئاسة. ولكن يبدو أن بعض الأصدقاء من التيار المحافظ دينياً لا يرون أن هذه المادة بصيغتها هذه بلا تغيير أو تفسير كافية تماماً. ويبدو أنهم سيهدمون كل شىء بلا عائد حقيقى. ثالثاً، لا تزال مؤسسة الرئاسة بالانتظار، ومن تواصلى معها، هى تفكر فى كل البدائل، وهذا فى ذاته مهم للغاية لأن كرة اللهب التى حذرت منها بدأت فى التحرك بالفعل فى اتجاه القصر الحاكم. لست على يقين من مسار الأحداث لاحقاً. ولكن لا شك أن الجمعية التأسيسية جسدت كل ما فى العقل السياسى المصرى من مشاكل، وبدلاً من أن تكون الحل أصبحت جزءاً من المشكلة. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة التأسيسية قصة التأسيسية



GMT 20:16 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مسلسل «المفتي»

GMT 20:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

العقاد والمسيح والحب

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

هل يعتقل نيتانياهو..؟

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

محاكمة ترامب!

GMT 19:44 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

هل خسرت إسرائيل الحرب؟

GMT 19:43 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

جناية التطرف على صورة الإسلام المعاصر

GMT 19:40 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الفخرانى .. وتدريس الفنون كمادة إجبارية

GMT 19:39 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

ريال مدريد سلاح التلميذ

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد
  مصر اليوم - غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد

GMT 12:03 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:35 2021 الأربعاء ,28 تموز / يوليو

محمد جمعة ينشر البوستر الرسمي لمسلسل "الحرامي 2"

GMT 02:11 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

مجدي عبد الغني يؤكد على عدم إلغاء " الدوري"

GMT 20:28 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن حوار بين سكيلوتو وتيفيز بنهائي "ليبرتادوريس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon