توقيت القاهرة المحلي 15:26:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هذا الخائن

  مصر اليوم -

هذا الخائن

فهمي هويدي

المذكور أعلاه هو الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية السابق، الذى قرأت أمس إشارة له دمغته بذلك الوصف وطالبت بمنعه من دخول مصر. والسبب فى ذلك أن الرجل كتب تغريدة «حقيرة» ــ هكذا وصفت ــ اتهم فيها مصادر سيادية بشن حملة فاشية ممنهجة ضد من يصرون على إعلاء قيمة الحياة وحتمية التوافق الوطنى. وفى اليوم الذى اتهم فيه الرجل بالخيانة كانت قد صدرت توصية بإسقاط عضويته من نقابة المحامين ضمن آخرين. وقبل هذه وتلك كان أحد أساتذة القانون قد رفع ضده قضية اتهمه فيها بخيانة الأمانة. ما عاد الدكتور البرادعى بحاجة إلى تعريف بشخصه أو دوره، خصوصا فيما جرى يوم 3 يوليو، حيث بات معلوما للكافة انه أحد مهندسى الانقلاب الذى وقع، وفى مختلف الخطوات التى اتخذت بعد عزل الدكتور محمد مرسى. أردت باستدعاء هذه الخلفية أن أذكر بأن الرجل فى موقفه الأساسى كان معارضا وخصما للدكتور مرسى ونظامه. وانه من الناحية الاستراتيجية يقف فى مربع النظام الحالى، وان اختلافه الذى دعاه إلى الاستقالة ومغادرة البلاد كان منصبا على الوسائل وليس الغايات. ورغم اننا لنا احاطة كافية بالتفاصيل، إلا ان القدر المعلن والمشهد منها يوحى بأنه عارض اسلوب البث وفض الاعتصام بالقوة، الأمر الذى افضى إلى مذبحة الرابع عشر من أغسطس التى أوقعت آلاف القتلى والمصابين غير آلاف المعتقلين. وهو ما نفهمه من انتقاده فى تغريدته للاطراف التى تشن حملة فاشية ضد المدافعين عن الحق فى الحياة وعن حتمية التوافق الوطنى. أدرى ان البعض عارض الحملة على الدكتور البرادعى. ومنهم من دافع عن حقه فى التعبير عن رأيه، لكن المتابع لما تنشره الصحافة المصرية لا يخطئ فى ملاحظة ان الذين اتهموه بالخيانة ولاحقوه بالاتهامات واللعنات يشكلون أغلبية المعلقين، بحيث بدت أصوات الداعين إلى احترام الرجل وتفهم موقفه نادرة واستثنائية. ما قاله فى تغريدته (الحقيرة!!) ليس فيه سر، وكل الذى فعله انه أكد لنا ما نعرفه. ذلك ان صدور هذا الكلام من رجل شغل منصب نائب رئيس الجمهورية لبعض الوقت، يبصر الجميع بجانب من المخاطر التى تهدد استقرار الوضع الجديد، بقدر ما تهدد الآمال التى علقها أنصاره عليه، وما قاله عن الدور الذى تقوم به بعض المصادر السيادية لشن حملة فاشية ضد معارضى سياسة القمع، هذا الكلام ينبغى أن يؤخذ على محمل الجد، بحيث يعد بمثابة جرس إنذار ينبه الجميع. إذ القائل فى هذه الحالة شهادته على دراية بالوقائع ومعايشة لها. بسبب من ذلك، فبدلا من ان يستوقف العقلاء والراشدين بحيث يدعوهم إلى صد رياح الفاشية التى تهب على مصر، حتى طالت سهامها الأنصار الذين حملوا النظام الجديد، بدلا من ذلك فإن الرجل تعرض للتخوين والاغتيال السياسى، ولو ان ذلك الذى قرأناه أمس كان رأى فرد لهان الأمر، ولكن الحاصل ان الكلام كان جزءا من معزوفة ردح هابطة استهدفت البرادعى. كما استهدفت كل صوت محترم حاول ان يصوب المسيرة ويوقف الاندفاع الراهن فى منحنى الفاشية الذى يكاد يجهض الآمال التى علقت على الثورة، والتى حفرها الثوار على جدار الوطن بدمائهم. لقد أصبحت كلمة الخيانة إحدى المفردات الشائعة فى الوضع المستجد، كأنما أريد لنا ان نتجاوز تهمة التكفير التى استخدمها البعض فى ظل نظام الرئيس مرسى، لتدخل فى عصر التخوين فى ظل النظام الجديد، مع فارق أساسى ان التكفير فى السابق كان يتردد على ألسنة أفراد أو حتى مجموعات شاردة لا تعبر عن السلطة، اما التخوين فهو صادر عن أصوات لها ظهيرها الذى يدعمها فى أروقة السلطة. ناهيك عن ان التكفير ظل شذوذا يقابل بالرفض والاستياء من جانب الأغلبية، فى حين أن التخوين يلقى قبولا وحماسا من جانب الأغلبية فى الوقت الراهن، بمن فيهم أعداد غير قليلة من المثقفين والسياسيين الذين باتوا يؤيدون الاغتيال السياسى ولكنهم يفضلون إتمامه بقفازات حريرية وناعمة. ان موقف الجوقة التى أطلقت معزوفة سبابها للبرادعى بسبب ما قاله لا يختلف كثيرا عن منطق الأهل الذين أبلغهم الطبيب بأن مرضا خبيثا يزحف على جسم ابنهم المريض، فلاحقوه وانهالوا عليه بالسب والشتم وقرروا اغتياله. ان الخبث يسرى فى جسد مصر، فى الوقت الراهن، ونحن بحاجة شديدة إلى جهد الذين يوقفونه، وليس إلى الذين يتسترون عليه ويباركونه. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذا الخائن هذا الخائن



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أسرق.. وبعدين أتصالح!!

GMT 02:53 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ما حققته احتجاجات الجامعات الأمريكية

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

عودة الاحتلال الكامل

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رفح آخر أوراق «حماس»

GMT 02:47 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

... عن «الاستعمار» بوصفه «خطيئة أصليّة»

GMT 02:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

GMT 02:43 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

حرب غير مبررة!

GMT 02:40 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رسائل غير قابلة للتداول!!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:19 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

عادل إمام يعود إلى السينما
  مصر اليوم - عادل إمام يعود إلى السينما

GMT 17:22 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يرفض دفع مستحقات فتح الله المتأخرة

GMT 06:38 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

انجي المقدم تكشف أحداث دورها في مسلسل "سقوط حر"

GMT 09:27 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

تونس تسترد قطعا أثرية نقدية من النرويج

GMT 01:00 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

441 مليون دولار صادرات بترولية مصرية مطلع 2021

GMT 04:02 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon