توقيت القاهرة المحلي 03:02:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإرهابى ذلك المجرم الذى يريد إصلاحنا

  مصر اليوم -

الإرهابى ذلك المجرم الذى يريد إصلاحنا

وائل عبد الفتاح

نعم إنه يريد أن يُصلحنا وهو يقتلنا. يتصوّر أن الحقيقة المطلقة ملك يديه.. وأن الحلول بجيبه الأيمن يخرجها مثل حبّة فوارة سيشربها المجتمع كل يوم إلى أن يصل إلى مجتمع الفضيلة. تنظيمات عاشت على نشر الكآبة والذنب العمومى.. واستسهلت الإجابة عن الأسئلة الكبرى عن التخلف بأننا عصاة أو كفار.. نستحق القتل بالرصاص والقنبلة والجنزير.. ليتطهر المجتمع.. وبين قتلنا بالكآبة أو بالرصاص تشكّل جسد ضخم من تنظيمات يدّعى كل منها أنه الفرقة الناجية فى مواجهة مجتمع كافر. تلك الفكرة القنبلة، أطلقها «سيد قطب» مستثيرًا كل جروح العجز فى «المستضعفين» ونافخًا فى مشاعر الاضطهاد عندهم.. هو نبى التطرف الذى حوّل ألمه الذاتى فى سجون عبد الناصر إلى خطاب متكامل، أصبح فيه الألم رغبة فى الانتقام، وجدت مرجعيتها فى أفكار أبى الأعلى المودودى فى الهند. صورة محفورة بخليط الاضطهاد والتضحية ودفع الثمن والاغتراب عن الواقع. والهجرة بعيدًا عنه إلى موديل حياة يتخيّلون أنها تشبه التى عاشها النبى محمد والصحابة. فى الفكرة إرهابى كامن.. يتصوّر أن عنفه مقدّس.. يحمل تصريحًا إلهيًّا يجعله يقسم العالم إلى «فسطاطين».. وحتى فى قمة الاعتدال فإن علاقة العنف قادمة لأن الإيمان بالفكرة يجعلك تلغى الآخرين.. (بالتكفير والتعالى القائم على أن الحق معنا وحدنا..) وتلغى حتى أفكار التسامح التى تنشأ فى فترات الاستضعاف وتظهر من الأعماق العدوانية سافرة.. دون حتى المكياج المتقن. وهذا ما يفسّر النبرة العدوانية التى ظهرت بعد الثورة، وبالتحديد بعد قدرة الإخوان والسلفيين على الوصول إلى طاولة الصفقات مع العسكر.. ساعتها كانت صدمة مَن عرفهم من قبل أو مَن ساندهم.. كأنهم ولدوا من جديد.. أو كأن التسامح والرقة كانا غلافًا سقط مع استعدادهم للوثبة الكبيرة باتجاه القصر.. هنا نسى المعتدل اعتداله وانكشفت تصوراته للسياسة.. على أنها ساحة غزوات لا عملية بناء.. والحكم غنيمة لا إدارة مؤسسات البلاد.. وأن خطاب الكراهية للآخرين هو شريعتهم.. فهم المؤمنون.. وحدهم.. وباسم الإيمان يحكمون.. وبالتالى فى إطار المنافسة فإنهم يبدؤون بوعى ولا وعى فى البحث عن طريقة لإبعاد المنافسين بالتشكيك فى إيمانهم.. هذا بالطبع بعد أن يبعد قطاعات كاملة تنتمى إلى أقليات دينية.. فى إطار أنهم مجرد «أهل ذمة» أو «ضيوف» لهم حق الضيافة ليس أكثر.. وقبلهم النساء.. باعتبار أنهن ناقصات عقل ودين، ومكانهن الطبيعى البيت.. لتخلو الساحة للذكور المتصارعين على مَن ينتصر فى حرب العنف المقدس. .. الإرهابى الكامن يخرج فى لحظة ما.. لأن أصل فكرته كراهية المجتمع، والتعبير عن الكراهية بوصفها بالكفر.. لم تحدث مراجعات فى هذه الكراهية.. لكنها حدثت فى توقيت التعبير عنها أو أسلوب التعبير عنها.. تعلّم الإسلامى وضع ماكياج التسامح.. ليخفى العنف الأصيل فى فكرة تقوم على أن تصورات شخص أو جماعة عن الدين.. (ما يمكن أن نسميه بالتديّن) هو الدين نفسه.. وأنه عندما يحكم هذا الشخص فإن هذا حكم الله. الفكرة عنيفة من أساسها.. وتحاول أن تصنع أيديولوجية من العجز عن التواصل مع الأفكار الكبرى التى وصلت إليها الإنسانية كلها.. هذه أفكار تعبر عن الشعور بالهزيمة.. والهجرة إلى حضانات أو مزارع تربية القطعان التى يغذّونها على أنها «الطليعة المؤمنة».. العنف كامن فى هذه الحضانات ويخرج لحظة التمكّن.. حيث لا بد من الانتصار بإلغاء الآخرين أو بوضع قواعد جديد للسياسة تمنح السلطة للمنتصر فى سباق العنف المقدس بين الذكور المسلمين. > مقال قديم أردت به أن أفتح قوسًا كبيرًا للتفكير فى ذلك الملثم الذى خرج من بيته، أو معسكره، أو حيث يقيم، ليرتكب جريمة ويراها تنفيذًا للفريضة الغائبة، تلك التنظيرة التى أكمل بها محمد عبد السلام فرج طريق سيد قطب، حيث لا يكتمل إيمانك إلا بالدم. نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهابى ذلك المجرم الذى يريد إصلاحنا الإرهابى ذلك المجرم الذى يريد إصلاحنا



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أسرق.. وبعدين أتصالح!!

GMT 02:53 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ما حققته احتجاجات الجامعات الأمريكية

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

عودة الاحتلال الكامل

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رفح آخر أوراق «حماس»

GMT 02:47 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

... عن «الاستعمار» بوصفه «خطيئة أصليّة»

GMT 02:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

GMT 02:43 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

حرب غير مبررة!

GMT 02:40 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رسائل غير قابلة للتداول!!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:37 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية
  مصر اليوم - زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية

GMT 17:22 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يرفض دفع مستحقات فتح الله المتأخرة

GMT 06:38 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

انجي المقدم تكشف أحداث دورها في مسلسل "سقوط حر"

GMT 09:27 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

تونس تسترد قطعا أثرية نقدية من النرويج

GMT 01:00 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

441 مليون دولار صادرات بترولية مصرية مطلع 2021

GMT 04:02 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon