توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكومة التحوّلات العربية

  مصر اليوم -

حكومة التحوّلات العربية

مصر اليوم

  مع الترحيب، لبنانياً، بضم تمام سلام إلى نادي رؤساء الحكومات، بعد «اضطهاد» أو ـ أقله ـ استبعاد طال أمده وإن غمضت أسبابه، فمن الضروري قراءة هذا الحدث من خلال موقعه في مسار التطورات التي تزلزل المشرق العربي جميعاً، وأخطرها ما يحصل في سوريا وما يدبّر لمستقبلها، بغير أن ننسى العراق وجرحه النازف فضلاً عن الأحداث المقلقة في مصر تحت حكم الإخوان. وليس سراً أن الكثير من القرارات المتصلة بأمن المنطقة، بممالكها وجمهورياتها وإماراتها والمشيخات، تتخذ بقدر من التنسيق بين «الخصوم» في المعسكرات المختلفة، أو عبر الإبلاغ المسبق بمضمونها، أو أقله عبر الإيحاء باتجاه الريح. وكان طبيعياً أن تنعكس التطورات التي شهدتها وما تزال تشهدها المنطقة على امتداد السنتين الأخيرتين، وتحديداً منذ أن تفجّرت سوريا بأزمتها الدموية، على الوضع السياسي في لبنان خصوصاً أنه وليد توازنات تتبدى الآن وكأنها من زمن مضى، وهي لم تعد مناسبة، بالتالي، لليوم، أو خاصة للغد الذي يجري «تصنيعه» في «دول القرار» للمنطقة جميعاً. فسوريا اليوم هي غير سوريا قبل عامين، وقد انتقلت من الشريك الأساسي في القرار حول لبنان إلى «الضيف الثقيل»، بل ربما إلى مصدر الخطر على كيانه السياسي وليس فقط على نظامه ولعبة التوازنات بين «أقطابه» و«أحزابه» ومواقع الرئاسة وطبيعة أدوار الحكومات. الأسئلة، الآن، تتجاوز الدور والموقع إلى طبيعة النظام الذي استطاع أن يصمد للعواصف والحروب لأكثر من أربعة عقود... فسوريا اليوم هي غير سوريا قبل عامين، بل لكأنها قد فقدت مكانها ومكانتها كشريك في القرار في الشؤون العربية عموماً، وانطلاقاً من دورها في لبنان، وصارت الأسئلة تتركز على مصيرها في ضوء تطورات الصراع الدموي المخيف بين نظامها الشرس وبين معارضيه الكثر متعددي الانتماءات والهويات. ولا أحد يعرف، على وجه اليقين، ماذا ستنتج الحرب المفتوحة فيها وعليها والتي تملأ أرضها بدماء أبنائها ومعهم أشتات «المجاهدين» و«المرتزقة» الوافدين لتصحيح «الخطأ التاريخي الذي ارتكب قبل أربعين عاماً أو يزيد، وعبر التساهل في هوية حاكم سوريا»... على حد ما يقول بعض أمراء التحليل السياسي وشيوخه المفوهين. ثم أن العراق اليوم هو غير العراق الذي كان: تمزقه الصراعات السياسية التي يسهل إضفاء الطابع العرقي عليها وصولاً إلى توكيد الطابع الطائفي: «بغداد للعباسيين كما دمشق للأمويين، والعاصمتان لورثة هؤلاء وليس لأي وافد طارئ»، حسب التحليل السائد ذاته... و«يجب أن يكون النظام القائم في بغداد التالي، بعد النظام في دمشق، على قائمة الإسقاط، واستعادة بروسيا العرب». كذلك فمصر مثقلة بهمومها، وأخطرها اختطاف انتفاضة الميدان وسيطرة الإخوان المسلمين على السلطة، بكل ما نجم وسوف ينجم عن هذا الاختطاف منذراً بدخول أعرق دولة في العالم، وأكبر دولة عربية وأخطرها نفوذاً، في الأصل، دوامة الاضطراب السياسي الذي يلغي دورها في محيطها العربي، وهي التي كانت «الضامن» لغيرها عبر نموذجها الفذ لوحدتها الوطنية والتطهّر من آثام الطائفية والمذهبية. أما دول الخليج، بزعامة السعودية، فقد استعادت موقع القيادة، عربياً، بتزكية دولية واسعة، لا سيما أنها تشكل رأس الحربة في محاصرة إيران ومطاردتها لإخراجها من مواقع نفوذها في المنطقة العربية وأفريقيا... وها هي «قطر العظمى»، كما يطلق عليها الأمير سعود الفيصل، تتصدّر الحملة على النظام السوري، في حين تواصل السعودية محاصرة العراق، وتنأى الجزائر بنفسها عن صراعات المشرق متخوّفة من عودة «الإسلاميين» إلى العبث بأمنها كما في بداية التسعينيات. على هذا يمكن القول إنك تستطيع، في هذه اللحظة بالذات، أن تقرأ ما يُراد للبنان أن يكونه في المستقبل القريب، بافتراض أن مرحلة كاملة من حياته السياسية قد انتهت لتبدأ مرحلة جديدة، برموز مختلفة وتوجهات مختلفة عما كان سائداً بقوة الأمر الواقع الذي يعيده البعض إلى ماضي النفوذ السوري، أو يمده آخرون إلى بروز «حزب الله» كقوة أساسية في البلاد بعد نجاحه الباهر في التصدي للاحتلال الإسرائيلي وإجلائه في أيار 2000 ثم بمقاومته الباسلة للحرب الإسرائيلية في تموز 2006 حتى إجلاء العدو عن الأرض اللبنانية. من هنا يمكن اعتبار رئيس الحكومة العتيد تمام سلام بمثابة «فدائي» تقدم حيث لم يجرؤ الآخرون، وتصدى لمهمة لن تكون سهلة، وهو يحتاج فيها تأييداً أكيداً وثابتاً وواسعاً، حتى لا يترافق وصوله إلى سدة الرئاسة الثالثة مع افتراضه طرفاً في الصراع المحلي الذي اتخذ في لحظات أبعاداً طائفية ومذهبية لطالما كان منزل صائب سلام بعيداً عنه، خصوصاً أن مناخه الطبيعي يختلط فيه ياسمين دمشق مع شميم برتقال فلسطين فضلاً عن هواء لبنان العليل. نقلاً عن جريدة " السفير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة التحوّلات العربية حكومة التحوّلات العربية



GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 09:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 09:18 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 09:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 09:15 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

سيدفع الثمن الأغنياء والفقراء على حد سواء

GMT 09:14 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«خليها تعفن»!!

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon