توقيت القاهرة المحلي 08:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خدمة الإسلام بطريقة غير إسلامية

  مصر اليوم -

خدمة الإسلام بطريقة غير إسلامية

معتز بالله عبد الفتاح

ابتُليت هذه الأمة بأناس لديهم قدرة هائلة على تشويه كل ما هو جميل، وتدمير كل ما هو مفيد ووضع ديننا فى موضع المتهم، والدين منهم براء.
يوم الاثنين الماضى تناقلت وسائل الإعلام مقطعاً مصوراً أصدرته الجماعة المسلحة النيجيرية التى تدّعى وصلاً بالإسلام وتعطى لنفسها صفة «الإسلامية» تحت اسم «بوكو حرام» (أى التعليم الغربى حرام) وأصبحت معروفة سياسياً بأنها «طالبان نيجيريا».
الجماعة قامت بخطف أكثر من مائتى تلميذة نيجيرية، فى مقابل إطلاق سراح عدد من السجناء التابعين للجماعة. خرجت الفتيات جميعهن فى الفيديو الأخير يرتدين الحجاب، وقال أبوبكر شيكاو، زعيم الجماعة المسلحة، إن الفتيات اعتنقن الإسلام أثناء وجودهن داخل المحبس. وأذاعت الجماعة فيديو مدته نحو 17 دقيقة أظهرت فيه نحو 100 فتاة وهن يرتدين الحجاب ويصلين فى مكان لم يكشف عنه حتى الآن.
هل هذه سياسة أم هذه دين؟
لقد أساء هؤلاء أبلغ إساءة لديننا وخلطوا الصالح بالطالح، وقرروا أن يخدموا «الإسلام» بزعمهم بطريقة تتناقض معه بل وفى الحقيقة تضر سمعته، بل أزعم أن الكثيرين منا يفعل ذلك.
نحن لدينا استعداد دائم لأن نخدم قضايا أعدائنا ضد أنفسنا.
لا أنسى محاضرة لسلمان رشدى حضرتها فى الخارج وكيف أنه يعتبر نفسه محظوظاً بسبب فتوى الإمام الخمينى بإهدار دمه التى أدت إلى أن تزداد روايته التافهة «آيات شيطانية» مبيعاً. تلك الرواية التى طبعت منها إحدى دور النشر البريطانية خمسين ألف نسخة، ومن خبرة سلمان رشدى مع رواياته الثلاث السابقة كان هذا العدد من النسخ يتطلب أربعة أعوام حتى ينفد.. إلى أن قرر الإمام الخمينى أن «يدافع عن الإسلام» فأصدر فتواه الشهيرة التى بموجبها أصبح سلمان رشدى مطلوباً للقتل وأصبح كتابه واحداً من أكثر الكتب مبيعاً فى العالم ووصلت مبيعاته فى عام 1990، أى بعد عام من الفتوى الشهيرة للإمام الخمينى، إلى 4 ملايين نسخة بثمانى لغات. أى بدلاً من أن الكتاب كان يقرأ بمعدل خمسين ألف نسخة فى الأربع سنوات أصبح يقرأ بمعدل 4 ملايين نسخة فى العام الواحد، ولا تزال الرواية تباع على نطاق واسع حتى الآن، ويالها من خدمة للإسلام!
والأمر لم يكن بعيداً عن الدور العبقرى الذى لعبه المسلمون ضد دينهم بأن حولوا صحيفة محلية تافهة فى الدنمارك إلى المصدر الرئيسى للأخبار عن الإسلام والمسلمين بعد أن نشرت رسوماً تافهة للرسول، عليه الصلاة والسلام. وياله من دين لو كان له أتباع عقلاء.
أتذكر ما فعله رسولنا الكريم حينما أراد أن يحافظ على سمعة الدين وعلى مصداقيته بأن رفض نصيحة عمر بن الخطاب بأن يقتل عبدالله بن أُبَىّ ابن سلول الذى كاد يحدث فتنة بين المسلمين بعد غزوة «بنى المصطلق» فقال: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز (يقصد الأنصار) منها الأذل (يقصد المهاجرين). لكن الرسول الكريم رفض قتله قائلاً: «حتى لا يشيع فى الناس أن محمداً يقتل أصحابه» فيعرف العرب عن الإسلام من أعدائه وليس من أتباعه.. ففضل عليه السلام أن يحتمل أذى المنافق عن أن يخسر الدين مصداقيته.
ويقول الأستاذ العقاد، معلقاً: هل نفهم من موقف الرسول الكريم أنه يقبل الباطل الذى يأباه «عمر»؟ الإجابة بالنفى القاطع. لكن «عمر» تسيطر عليه روح الجندى المحارب، التى أحسبها تسيطر على فكر الكثيرين من الذين يهرعون للمصادرة والمنع والخطف؛ فالفرق بين الرسول «محمد» وخليفته «عمر»، كما يشير العقاد، كالفارق بين الإنسان العظيم والرجل العظيم. فالإنسان «محمد» يعرف دروباً من الباطل، ويعرف دروباً من الإنكار لأنه يعرف ما فى النفس الإنسانية من عوج وتعريج وتتابعها بين قوة وضعف وخير وشر وصحة ومرض يجعل المنع بل والسيف واحداً من وجوه الإنكار وليس الوجه الوحيد.
يا له من دين، لو له أتباع عقلاء!
  نقلا عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خدمة الإسلام بطريقة غير إسلامية خدمة الإسلام بطريقة غير إسلامية



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt